المتابعون

الثلاثاء، 24 يناير 2017

تقرير اخباري: أنوال بريس تعيد تركيب ملف “شهداء الحسيمة” بناءً على تصريح الصبار ومحامي العائلات وأحد افرادها


تقرير اخباري: أنوال بريس تعيد تركيب ملف “شهداء الحسيمة” بناءً على تصريح الصبار ومحامي العائلات وأحد افرادها

محمد المساوي
لتنوير الرأي العام حول حيثيات ملف شهداء 20 فبراير بالحسيمة، نحاول في هذا التقرير اعادة تركيب أجزاء هذا الملف الذي عاد بقوة إلى الواجهة، بعد أن ورد على لسان الامين العام للمجلس الوطني لحقوق الانسان في برنامج مباشرة معكم، أن قاضي التحقيق “استمع الى الشهود وأطلع العائلات على تسجيلات الكاميرا”، وأن الملف تم حفظه إلى حين ظهور مستجد يمكن أن يحرك التحقيق فيه من جديد. وفي هذا الاطار قمنا بالاتصال برئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان السيد محمد الصبار، ومحامي العائلات السيد عبد المجيد أزرياح، وعادل البعزاوي أخ “سمير البعزاوي” أحد الشهداء الخمسة، لتجميع المعطيات حول هذا الملف، وللبحث في أسباب هذا التضارب بين ما تقوله العائلات وما قاله الامين العام للمجلس الوطني لحقوق الانسان.
فكما هو معلوم تعود تفاصيل هذا الملف الى ما حدث يوم 20 فبراير 2011 بالحسيمة، حيث بعد نهاية مسيرة حركة 20 فبراير عرفت المدينة فوضى كبيرة تسببت في حدوث اعمال شغب وتم تكسير واجهات بعض المحلات، كما شبت النيران في بعض المحلات والوكالات البنكية، منها وكالة البنك الشعبي بالحسيمة، في هذه الوكالة سيتم العثور على جثث 5 ضحايا، قال عنهم وزير الداخلية انذاك أنهم لصوص دخلوا لسرقة الوكالة البنكية فوقعوا ضجية النيران المشتعلة فيها، بينما أكدت العائلات أن ابناءها تعرضوا لتعذيب مميت من طرف القوات الامنية و تم رميهم في الوكالة المحترقة للتخلص من جثثهم والتخلص من المسؤولية على الجريمة عبر الايحاء أن هؤلاء جاؤوا للسرقة وأتت عليهم النيران، كما اكدت العائلات أن الوكيل العام طالبهم بتوفير ملياري سنتيم حجم خسائر البنك من الحريق إن هم أرادوا الاطلاع على فحوى تسجيلات كاميرا وكالة البنك الشعبي، كما أن افادات مسؤولي الوقاية المدنية بالمدينة زكّت مخاوف العائلات، أذ اكدوا في افاداتهم أنهم قاموا بالتنقل إلى الوكالة من أجل اطفاء الحريق حوالي الساعة السابعة مساءً، وفعلا قاموا باطفاء الحريق من الخارج دون أن يلجوا الى داخل الوكالة، كما أكدوا أنهم عثروا على جثة واحدة متفحمة قرب باب الوكالة، ولم يلاحظوا وجود جثث أخرى، لكن في الساعات المتأخرة من نفس الليلة تم اخطارهم أن النيران عادت لتشب مجددا في وكالة البنك الشعبي، فتنقلوا الى هناك حيث قاموا باطفاء النيران مرة أخرى وعند دخولهم الى الوكالة أكتشفوا 4 جثث متفحمة في اماكن متفرقة داخل الوكالة؟؟
هكذا طلّ الموضوع في يد القضاء من يومها إلى أن أصدر قاضي التحقيق المكلف بالملف في فبراير 2016 قراره القاضي بحفظ الملف إلى غاية ظهور أدلة جديدة لاعادة التحقيق فيه.
العائلات اطلعت على تسجيلات كاميرا  وكالة “القرض الفلاحي”ولم تطلع على تسجيلات وكالة “البنك الشعبي”:
إن النقطة التي أثارت كأس العودة إلى هذا الملف هي الجملة التي وردت على لسان الصبار حين قال أن قاصي التحقيق أطلع العائلات على فحوى تسجيلات الكاميرا، والصبار في حديثه هنا لم يحدّد طبيعة التسجيلات التي اطلعت عليها العائلات؟ هل هي تسجيلات كاميرا البنك الشعبي التي تدور حولها كل الاسئلة والشكوك أم يتعلق الامر بتسجيلات كاميرا لاحدى المنشآت أو الوكالات القريبة من وكالة البنك الشعبي حيث تم العثور على جثث الشهداء الخمس وهي محترقة؟
بعد اتصالنا بالسيد محمد الصبار تبيّن أن المقصود بالتسجيلات التي اطلعت عليها العائلات في كلامه على بلاطو القناة الثانية، هي تسجيلات الوكالة البنكية للقرض الفلاحي التي تتواجد بنايتها بالقرب من وكالة البنك الشعبي، وأن ما قاله الصبار جاء بناءً على ما ورد في قرار قاضي التحقيق في الملف، وهذا الامر لا تنفيه العائلات، ولم ينفيه أيضا محامي العائلة، نعم العائلات اطلعت على تسجيلات كامير القرض الفلاحي الذي تتواجد وكالته بالقرب من وكالة البنك الشعبي حيث وقع الحادث.
إلى هنا تبدو الامور واضحة، وأن ثمة سوء فهم لهذه التصريحات، لأنها في الحقيقة كلها تؤكد امرا واحدا، هو أن العائلات اطلعت على تسجيلات كاميرا وكالة القرض الفلاحي ولم تطلع على تسجيلات كاميرا البنك الشعبي.
لماذا لم تطلع العائلات على تسجيلات كاميرا البنك الشعبي؟
لكن السؤال الذي يثار من بعد ذلك هو أين تسجيلات كاميرا البنك الشعبي؟ لأن هي التي يمكن أن تساعد التحقيق وتكشف عن الكثير من الملابسات ومناطق العتمة التي رافقت هذا الملف منذ وقوع الحادث الى غاية الاعلان عن حفظه فبراير سنة 2016. بالنسبة لمحامي العائلات السيد عبد المجيد أزرياح فقد أكد لأنوال بريس أنهم طالبوا كهيئة دفاع الاطلاع على تسجيلات كاميرا البنك الشعبي، غير أن قاضي التحقيق أخبرهم أن ادارة البنك الشعبي قد ردت على طلب القاضي بتمكينه من اشرطة التسجيل بكونها لا تتوفر عليها، وأنها تعرضت للتلف أثناء نشوب الحريق في الوكالة، وهذا الامر ضمنه قاضي التحقيق في قرار حفظ الملف.
أما بالنسبة لعائلة الضحايا فتؤكد مسألة أخرى تعارض ما ادعته الادارة المركزية للبنك الشعبي، إذ أكد عادل البعزاوي ل”أنوال بريس” أن الوكيل العام للمحكمة بالحسيمة عندما طالبوه في أول لقاء بهم بالكشف عن تسجيلات كاميرا وكالة البنك الشعبي، لم يقل لهم أن هذه التسجيلات غير متوفرة بسبب تعرضها للتلف، بل حاول أن يثنيهم عن هذا الطلب، وهددهم إن أصروا على هذا الطلب، وتم الكشف عن هذه التسجيلات وتبين منها أن الضحايا فعلا دخلوا البنك من أجل السرقة، فحينئذ سيكون عليهم أداء تعويضات الخسائر التي لحقت الوكالة البنكية بسبب الحريق، و التي تناهز ملياري سنتيم. كما أوضح عادل البعزاوي أن هذا الكلام وهذا الرد من الوكيل العام لم يكن مكتوبا بل قيل لنا شفويا فقط، ولا يمكن لنا اثباته، لكن نحن كعائلات نؤكد أن هذا ما قيل لنا في البداية قبل أن يعود قاضي التحقيق ليخبرنا أن البنك الشعبي لم يسلم أي تسجيلات للمحكمة، بمبرر أن تسجيلات الكاميرا حول الحادث تعرضت للتلف أثناء نشوب الحريق.
كل الشكوك تحوم حول مصير تسجيلات كاميرا وكالة البنك الشعبي
لكن السؤال الذي يطرح نفسه؛ هل يعقل أن تتعرض تسجيلات الكاميرا للتلف نهائيا؟ في مثل هذه الحوادث قد تتعرض الكاميرا للتلف بسبب النيران، لكن من المستبعد جدا أن تتعرض للتلف دون تسجيل أي شيء، كما أن تسجيل بيانات الكاميرا يتم بشكل رقمي ويربطها مباشرة بالادارة المركزية، لذلك يمكن أن تتعرض الكاميرا للتلف، لكن التسجيلات لا يمكن أن تتعرض للتلف، ولابد أن يحتفظ الحاسوب المركزي على الأقل بتسجيلات بداية نشوب الحريق إلى غاية اتلاف الكاميرا وكفها عن بث التسجيل؟ كما أن الاستاذ عبد المجيد أزرياح أكد لنا معطى مهم يشرعن الاسئلة التي نطرحها هنا، وهو أن الوكالة البنكية ل (CIH) بالحسيمة تعرضت بدورها لنشوب الحريق في نفس اليوم، وتم اخطار مدير الوكالة بالحسيمة من طرف مدرائه المركزيين الذين انتبهوا إلى نشوب النيران في وكالة البنك بالحسيمة من خلال البث الرقمي لكاميرا الوكالة بالحسيمة. فهل يعقل أن تكون تسجيلات كاميرا البنك الشعبي محلية فقط ولا تتوصل الادارة المركزية بتسجيلات كاميرات فروعها؟
نقطة أخرى تزرع الشك في مبرر تعرض تسجيلات كاميرا البنك للتلف، هو أن أغلب الكاميرات المثبتة في المؤسسات والمنشآت المالية والحساسة تكون لها قدرة عالية لتحمل الحريق، وغالبا ما تعمل بأنظمة مضادة للحريق، فكيف يعقل أن تكون كاميرا البنك الشعبي هي أول ما احترق اثناء نشوب الحريق؟ كما أن الحريق الذي شبّ في هده الوكالة ليس حريقا مهولا قد يدمّر كل شيء، بل إنه لم يبرح الطابق الارضي للبنك وأتى على بعض المعدات في الطابق الارضي فقط، فكيف يمكن أن تتعرض الكاميرا للتلف والطابق الاول لم تصله النيران حتى؟
إضافة إلى هذه التفاصيل أكد الاستاذ عبد المجيد أزرياح أنهم شاهدوا تسجيل الكاميرا الخارجية لوكالة القرض الفلاحي المتواجدة بالقرب من وكالة البنك الشعبي، وشاهدوا ما كان يحدث في الشارع حينئذ، كما شاهدوا دخول بعض المتجمهرين الى وكالة البنك الشعبي، وأن بعض الوجوه كانت واضحة، ولم يظهر أي من الضحايا الخمس في تسجيلات هذه الكاميرا، وأن القاضي قد عرض هذه التسجيلات على العائلات للتأكد من عدم ظهور وجوه ابنائها، فأكدت له أنه لم يظهر أي اثر لابنائهم في هذه التسجيلات. وعندما سألنا الاستاذ هل اطلعتم على التسجيلات الكاملة للكاميرا الخارجية لوكالة القرض الفلاحي، أكد لنا أن كاميرا القرض الفلاحي حسب قاضي التحقيق لم تسجل كل شيء، بل كان هناك تسجيل جزئي ولم يطلعوا على الشريط كاملا من بداية نشوب الحريق الى غاية انتشال الجثث من وكالة البنك الشعبي، وبعد استفسارهم عن عدم وجود تسجيلات كاملة لليلة وقوع الحادث، قيل لهم أن كاميرا القرض العقاري سجلت ما هو متاح الان امامهم ومن بعد ذلك تعطلت ولم تتمكن من تسجيل باقي الأحداث؟؟؟
الطعن في قرار قاضي التحقيق
وبالنسبة لعدم الطعن في قرار قاضي التحقيق بحفظ الملف، قال محامي العائلات عبد المجيد أزرياح:”على أي اساس أقوم بالطعن في القرار، وهو بالعكس كان في صالح الضحايا لأنه بقي مفتوحا، وأنا مستعد أن أقدم طلب اعادة التحقيق فيه اذا ما توفرت لدي أدلة جديدة أو مكنتني العائلات بأدلة جديدة يمكن على اساسها تقديم الطلب لاعادة فتح التحقيق في الملف”، كما أكد الاستاذ ازرياح أننا لا نتوفر على أدلة قوية للمرافعة عن الملف، وأن الشهود الذين قالت العائلات أنهم مستعدين لتقديم افادتهم، أغلبهم لم يدل بشهادته، وتم استدعاء شاهد واحد، اكد في شهادته أنه لم يشاهد أي احد من الضحايا الخمس ليلة وقوع الحادث، ولم يفد الملف في شيء.
وعند سؤالنا للاستاذ أزرياح هل يمكن لهم كهيئة دفاع أن تطلب من قاضي التحقيق اعادة توجيه الطلب الى ادارة البنك الشعبي للافراج عن التسجيلات، ومواجهتها بحقيقة أنه لا يمكن أن تتعرض كل التسجيلات للتلف، أكد الاستاذ أن هذا الامر يفترض أن يقوم به وزير العدل عبر توجيه مذكرة إلى وزارة المالية من أجل التعاون في هذا الملف، أما نحن كهيئة دفاع فكل اعترضاتنا وكل ملاحظاتنا سجلنها لدى قاضي التحقيق في الملف.
خلاصة:
مما سبق يتبين أن هذا الملف يلفه الكثير من الغموض، وأن الكثير من مناطق العتْمة تعتريه، وأن “عقدة” البحث عن الحقيقة في هذا الملف تكمن أساسا في تسجيلات الكاميرا، سواء الكاميرا الداخلية لوكالة البنك الشعبي او تسجيلات الكاميرات الخارجية للوكالات والمحلات القريبة من وكالة البنك الشعبي. وأن البحث عن الحقيقة يجب أن يركز على هذا الموضوع والبحث عن قنوات قانوينة لدفع الادارة المركزية للبنك الشعبي للافراج عن فحوى تسجيلات الكاميرا التي تقول أنها تعرضت للتلف، كما أنه يجب فتح تحقيق في هذه النقطة، فكيف يعقل أن تقول الادارة أنها لا تتوفر على التسجيلات ليعود قاضي التحقيق ادراجه ويسلم بما قالته؟ ثم ايضا التركيز على فحوى تسجيلات الكاميرات المثبتة بالمحلات والوكلات المجاورة لمكان وقوع الحادث، فكيف يعقل أن كاميرا وكالة القرض الفلاحي سجلت جزءا من الحادث فقط بينما الجزء الاهم لم تسجله بدعوى أن الكاميرا تعطلت؟ كيف تعطلت هذه الكاميرا في اللحظة الحاسمة؟ هل تعطلت أم تم تعطيلها؟ ونظن أن الخبرة التقنية يمكن أن تثبت الكثير من الامور في هذا الباب، فهل استعانت المحكمة بالخبرة التقنية للتأكد من ادعاءات الادراة المركزية للبنك الشعبي والقرض الفلاحي، أم أنها اكتفت بما صرحت به فقط؟
في تقديرنا إن البحث في مصير تسجيلات كاميرا وكالة البنك الشعبي يمكن أن تكون المدخل لاعادة فتح التحقيق في هذا الملف.