المتابعون

الثلاثاء، 14 نوفمبر 2017

الشهيد عبد اللطيف زروال/ذكرى الشهيد البطل عبد اللطيف زروال، 43 والاب عبد القادر زروال وام الشهيد متشبتون بمعرفة قبره بيـــــــان

ذكرى الشهيد البطل عبد اللطيف زروال، 43 والاب عبد القادر زروال وام الشهيد متشبتون بمعرفة قبره
بيـــــــان
لجنة كل الحقيقة حول مصير الشهيد عبد اللطيف زروال
تحيي الذكرى 43 لاستشهاده وتطالب بتقديم المتورطين في جريمة اغتياله إلى العدالة
والكشف عن الحقيقة الكاملة في الملف
تحل يومه الثلاثاء 14 نونبر 2017 الذكرى الثالثة والأربعين لاغتيال الشهيد عبد اللطيف زروال، بعد اختطافه وتعذيبه من طرف جلادي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وعلى رأسهم قدور اليوسفي.
ومن المعلوم أن عبد اللطيف زروال، المناضل التقدمي، والقيادي في منظمة إلى الأمام، الذي ضحى بحياته من أجل المبادئ التي آمن بها هو ورفاقه، دفاعا عن حق الشعب المغربي في تقرير مصيره السياسي والاقتصادي والثقافي، ومن أجل الكرامة الإنسانية لكل المواطنين والمواطنات، قد استشهد قبل ثلاث وأربعين عاما، بالطابق الخامس للمستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط يوم 14 نونبر 1974.
ومنذ ذلك الحين، وفي إطار نضالها من أجل الحقيقة، وتشبثها بمطلب الحقيقة الكاملة وعدم إفلات المجرمين المتورطين في اختطاف الشهيد وتعذيبه وقتله ثم إخفاء جثمانه من العقاب، وعائلة الشهيد ـ وعلى رأسها المقاوم والمناضل الصامد الحاج عبد القادر زروال ـ تناضل بلا كلل من أجل حقها في الوصول إلى قبر ابنها وتسلم رفاته، رافضة كل أشكال الإغراءات والمساومات بالتعويض المادي لطي الملف.
وقد راسلت، من أجل ذلك، كل الجهات المسؤولة: النيابة العامة ورئاسة محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ووزير العدل بتاريخ 27 يونيو 1975، والوزارة الأولى بتاريخ 24/08/2010، ووزارة الداخلية بتاريخ 30/08/2010، ووزارة العدل بتاريخ 26/08/2010، والمجلس الاستشاري/الوطني لحقوق الإنسان بتاريخ 6/12/2010.
كما وضعت عن طريق دفاعها، برئاسة الأستاذ النقيب عبد الرحمن بنعمرو والأستاذ النقيب عبد الرحيم الجامعي والأستاذ أحمد آيت بناصر والأستاذ محمد صدقو، شكاية لدى القضاء في مواجهة المجرمين المتورطين فيما لا يقل عن ثمان جرائم (الاختطاف، وتعذيب المختطف، واستعمال التعذيب في ارتكاب جناية، والتسبب العمدي في القتل، وعدم التبليغ بارتكاب جريمة، وإخفاء الجثة، والتزوير، واستعمال الوثائق المزورة)،وعلى رأسهم قدور اليوسفي وبوبكر الحسوني - الذين حضوا بالرعاية والحماية والإفلات التام من العقاب من طرف الدولة.
وبعد قرار محكمة الاستئناف برفض الشكاية، توجه دفاع العائلة إلى محكمة النقض التي نطقت لمرتين بالنقض الجزئي لقرار الرفض لمحكمة الاستئناف واعتبار جريمة إخفاء الجثة غير متقادمة، وإحالة الملف من جديد أمام أنظار محكمة الاستئناف بالرباط، التي لا زالت تتلكأ في فتح التحقيق مع المجرمين.
وفي هذه المناسبة، فإن لجنة كل الحقيقة حول مصير الشهيد عبد اللطيف زروال، تعبر عما يلي:
- اعتبارها قرار النقض الجزئي لمحكمة النقض للمرة الثانية، وقرار محكمة الاستئناف هما نتيجة للمعركة الطويلة التي خاضتها عائلة الشهيد ومعها الحركة الديمقراطية ضد إفلات المجرمين المتورطين في هذه الجريمة النكراء من العقاب؛ وتأكيدها أن القرارين لا يستجيبان إلى المطلب الحقوقي بخصوص الكشف عن الحقيقة كاملة في كل الجرائم التي ارتكبت في حق الشهيد ومتابعة المتورطين فيها تفعيلا لمبدإ عدم الإفلات من العقاب في الجرائم السياسية؛
- استنكارها لتقاعس القضاء في استدعاء المتورطين في جريمة اغتيال الشهيد، الذين وضعت العائلة شكايتها ضدهم؛ وهو ما يفضح عدم جدية الدولة في الاستجابة لمطالب الحركة الحقوقية وتفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في موضوع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان؛
- استمرارها في دعم نضال عائلة الشهيد عبد اللطيف زروال ومطالبها المشروعة في الكشف عن الحقيقة الكاملة في الملف والوصول إلى قبر الشهيد وتسلم رفاته ومحاكمة المجرمين المتورطين في هذه الجريمة السياسية؛
- مواصلتها النضال، إلى جانب عائلات الشهداء وكل شرفاء الوطن، لمتابعة المجرمين المتورطين في قضايا الاختطاف والتعذيب والاغتيال ومحاكمتهم على جرائمهم التي ارتكبوها في حق أبناء الشعب المغربي؛ كشرط أساسي لوضع حد للاعتقال التعسفي والتعذيب وضمان عدم التكرار؛
- ضمّ صوتها، إلى كل مكونات الحركة الحقوقية والديمقراطية وكافة القوى الحية ببلادنا، للمطالبة بوضع حد للاعتقال السياسي والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين، وعلى رأسهم معتقلو الحراك الشعبي بالريف، والحركات الاحتجاجية بالمناطق الأخرى كزاكورة وبني ملال ... ومعتقلو الحركة الطلابية وحركة المعطلين ...
- تهيب بكافة القوى الديمقراطية والحية، السياسية والنقابية والجمعوية النسائية والشبيبية...، من أجل توحيد الجهود والتعبئة المتواصلة إلى حين كشف الحقيقة كاملة في الجرائم السياسية والمساهمة في حفظ الذاكرة ومساءلة مرتكبي هذه الجرائم؛ والنضال من أجل وضع حد لجرائم الاختطاف والتعذيب والاعتقال السياسي ببلادنا
الرباط في 14 نونبر 2017

وقفة ذكرى استشهاد عبد اللطيف زروال/عبد اللطيف زروال: “أموت فداك يا وطني”

عبد اللطيف زروال: “أموت فداك يا وطني”


بقلم عبد اللطيف زروال

      كتبت هذا المقال في نهاية 2015 بطلب من الفقيد عبد اللطيف حسني في إطار ملف حول الاغتيال السياسي في المغرب كانت ستنشره مجلة “وجهة نظر” التي كان يديرها. للأسف، كان المرض اللعين قد تمكن منه و لم يمهله حتى يخرج ذاك الملف إلى النور. ارتأيت نشر هذا المقال، بمناسبة حلول الذكرى 43 لاستشهاد المناضل عبد اللطيف زروال، كما هو دون تعديل. و هو في الحقيقة ثمرة مجهود جماعي في إطار “لجنة كل الحقيقة حول مصير عبد اللطيف زروال” حيث كنا قد قررنا جمع شهادات حول الشهيد بغية نشرها في كتاب. لا زال المشروع قائما و سيخرج إلى النور في القريب العاجل. أود هنا التنويه بالدور الأساسي الذي لعبه و ما زال يلعبه الرفيق عبد الرحيم الخادلي في مشروع حفظ الذاكرة الذي بدأناه في إطار”لجنة كل الحقيقة حول مصير عبد اللطيف زروال”. كما أهدي هذا المقال لروح الفقيد عبد اللطيف حسني الذي لولا إلحاحه لما كان سيخرج للوجود.

**************

 يوم 15 نونبر 1974، كان المعتقل السياسي عبد الرحمان نودا يرقد فوق سرير بالطابق الخامس بمستشفي ابن سينا بالرباط[1] حين أخبره أحد عناصر قوات التدخل السريع المكلفة بحراسته بأن أحد المعتقلين قد توفي بالأمس فوق نفس هذا السرير. مضيفا بأن هذا المعتقل كان “في وضعية متدهورة وحاول الحراس الدردشة معه من أجل تمضية الوقت، لكنه استسلم للنوم، وبعد أن حاولوا إيقاظه وجدوه ميتا”[2]. تقول بعض الروايات بأن آخر ما تفوه به هذا الأخير قبل وفاته هو عبارة “أموت فداك يا وطني”. لا يعلم أحد مدى صحة هذه الرواية. لكنها تؤكد بأن الأمر يتعلق بشخصية غير عادية. لم يكن هذا المعتقل الذي كان يبلغ من العمر 23 سنة وستة أشهر يوم وفاته أي يوم 14 نونبر 1974 سوى أحد أبرز قادة منظمة “إلى الإمام”: عبد اللطيف زروال.
من الاختطاف إلى الاستشهاد 
يوم 5 نونبر 1974، كان عبد اللطيف زروال عضو الكتابة الوطنية لمنظمة إلى الأمام على موعد مع أحد القياديين بمنظمة 23 مارس. كان رفيقه أبراهام سرفاتي قد اتفق معه قبل الموعد بنصف ساعة على العودة إليه في ساعة لاحقة وكان مكان اللقاء هو ملتقى شارعي الزيراوي والزرقطوني بالبيضاء. انتظره أبراهام لكنه لم يأت وهو المضبوط المواعيد. كان عبد اللطيف قد سقط في كمين نصبته له الشرطة السرية. فهو لم يكن يعلم بأن الشخص الذي سيلتقيه قد اعتقل واعترف بمكان وزمان الموعد. اقتيد زروال إلى المعتقل السري بدرب مولاي الشريف بالبيضاء. تعرض فيه لتعذيب همجي متواصل لمدة أسبوع. رفض عبد اللطيف الإدلاء بأي معلومات. كان الصمت سلاحه في مواجهة الجلاد قدور اليوسفي ومساعديه من أعضاء الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. يروي “مصطفى خلال” أحد رفاقه في المنظمة: “أخذوني  إلى  كوميسارية  المعاريف  بالدار  البيضاء. وفتحوا  باب  إحدى  الزنازن  كي  أرى  عبد  اللطيف . مع  انفتاح  الزنزانة  رفع  عبد  اللطيف  رأسه  فزعا  فزع  أي  شخص  يفتح  عليه  باب مكان  ما  فجأة. بقي  البوليسي  واقفا  ينظر  إليه  دون  أن  يوجه  إليه  أية  كلمة. ربما كان يريد أن يمنح لي و لعبد اللطيف  بعض  الثواني  كي نركز  نظرنا  جيدا   في  بعضنا  البعض. رأيت  عبد  اللطيف  ممددا  على  الإسفلت العاري وبدون  أغطية  ولا  فراش. كان  ممددا  على  جنبه  الأيمن. رفع  رأسه  وقد  حاول  الاتكاء  على  كتفه  وهو  ينظر إلينا في  حين  كان  الوضع  الطبيعي  هو  أن  يتكىء  على  كوعه  كي  ينظر  إلينا  فيما  إذا  أراد أن  يبقى  ممددا  أو  أن  يتخذ  وضع  الجلوس  . كان  واضحا  أنه  كان  عاجزا  عن  أن  يتخذ  أي  وضع  من  هذين  الوضعين  الطبيعيين  نظرا  لما  تعرض  له  من  تعذيب مفرط.  بعد  انصرام  بعض  الوقت  كما  أسلفت،  وجه  إليه  الجلاد  السؤال  فيما  إذا  كان  يعرفني. حرك  عبد  اللطيف  رأسه  نافيا  معرفته  بي.  ثم  سألني  الجلاد  نفس  السؤال  وأنكرت. ثم  أغلقوا  الباب. […] كان  سكان  “الدرب”[3]  جميعا  على  علم  بالمستوى  الرهيب  للتعذيب  الذي  مورس  على  عبد  اللطيف  زروال .  كانوا  كلهم  يثيرون  صموده  البطولي  ورفضه  المطلق  عن  الإجابة  عن  أي سؤال  يطرح  عليه . ولم  أعد  أذكر  من  من  هؤلاء  قال  لي  أنه  رأى  زروال  يُحمل  في  غطاء  من  طرف  أربعة حراس  لحمله إلى حيث  يريده  الجلادون.”[4]  ولإجباره على الكلام، اختطفوا والده الذي اقتيد إلى نفس ذاك المعتقل السري حيث تم تهديده بالقتل والتعذيب أمام ابنه. لكن هذا الأخير أصر على الصمت ولم ينبس ببنت شفة. تدهورت حالته الصحية جراء التعذيب الوحشي فتم نقله إلى مستشفى ابن سينا يوم 12 نونبر 1974 تحت اسم مزور هو عبد اللطيف البارودي لتنتهي حياته القصيرة بعد يومين من دخوله المستشفى.
من برشيد إلى الرباط 
ولد عبد اللطيف زروال ببرشيد يوم 15 ماي 1951. تربى في كنف عائلة وطنية. فقد كان والده، الذي درس بجامعة ابن يوسف بمراكش، مسؤولا بحزب الاستقلال في منطقة أولاد الحريز. وكان قد اعتقل مع عدد من أفراد أسرته إثر أحداث فرحات حشاد سنة 1952 وأبعد بعدها للدار البيضاء بقرار من السلطات الاستعمارية. أمضى عبد اللطيف جزءا من طفولته بالمدينة القديمة بالبيضاء معقل المقاومة المسلحة التي كان والده على ارتباط بها. تابع دراسته الابتدائية ببرشيد والإعدادية بالدار البيضاء ثم الثانوية بمدارس محمد الخامس بالرباط. عرف عبد اللطيف باطلاعه الواسع و ولعه بالأدب. يقول كمال عبد اللطيف، أحد زملائه و أصدقائه في مرحلة الدراسة الثانوية و الجامعية: “كنا مولوعين بتحويل بعض الفقرات من الروايات التي كنا نقرأها إلى نصوص للحفظ ، لا أدري من أين جاءتنا الفكرة، ولكنني أذكر أننا كنا نستظهر بعض المقاطع من روايات اللص والكلاب، والشحاذ، وثرثرة فوق النيل..إلخ. كما كنا نقوم بقراءتها بصوت مسموع، وأحيانا نحفظ مقاطع منها تمتلك في تصورنا  إيحاءات قوية، وتستوعب نمطاً استثنائياً في الكتابة والبحث والتأمل. كان عبد اللطيف زروال مولعا بهذه المقاطع الساحرة، وكنا نقضي معا وقتا طويلا في حفظ قصائد من دواوين صلاح عبد الصبور: “أقول لكم “” أحلام الفارس القديم” وعبد الوهاب البياتي، إضافة إلى بعض دواوين نزار قباني.”[5] و قد نتج عن هذا الولع بالأدب عند عبد اللطيف إنتاج شعري غزير لم تنشر منه سوى قصيدة واحدة تحت عنوان “عن الحب و الموت” بالعدد الأول من السلسلة الجديدة من مجلة “أقلام” الصادر سنة 1972. يحكي لنا كمال عبد اللطيف عن قصتها: “كان عبد اللطيف قد لفت انتباه بعض أساتذته، فقد اكتشف  الأستاذ محمد إبراهيم بوعلو شاعريته وشغفه الكبير بالقراءة. وكان زروال سنة 1970 قد كتب قصيدة رائعة تضمنت كثيرا من العناصر التي كان يمكن أن تصنع منه شاعرا بمقاس كبير، لو لم يحصل ما حصل. […] فأخذ منه القصيدة ثم نشرها في أحد أعداد مجلة أقلام […] لكنها كانت القصيدة الوحيدة المنشورة له بتشجيع من الأستاذ إبراهيم بوعلو، وهي قصيدة تكشف بعض ملامح شاعريته، وتذكرني بقراءاته لكثير من دواوين الشعر في المدرسة الثانوية والجامعية. لقد كانت محصلة حساسيته الشعرية الحاصلة منذ منتصف الستينات.”[6] بعد حصوله على الباكلوريا سنة 1968، التحق عبد اللطيف بشعبة الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. وانكب على التحصيل العلمي. فقد كان “حريصا على أداء واجباته الجامعية كاملة، يهيئ العروض ويقرأ محاورات أفلاطون، ويعتني بنصوص جون جاك روسو ومونتسكيو، كما كان يهتم بالفلسفة المادية التاريخية، وبالأفق الذي فتحته في تاريخ الفلسفة. ويحرص على القراءة في خزانة الكلية وفي المكتبة الوطنية، وكذا خزانات السفارات التي كانت أقسامها الثقافية ترخص باقتناء الكتب للطلبة.”[7] غير أنه لم يغفل قضايا الوطن التي تربى على الاهتمام بها في العائلة. انخرط عبد اللطيف بنشاط في النضال الطلابي. و تمرس “بالعمل النقابي في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، الذي كان يشكل جامعة موازية، كما حصل لديه وعي بطبيعة الصراع السياسي في المغرب نهاية الستينيات، مع اقتراب متردد سنة 1969 من حزب التحرر والاشتراكية (الحزب الشيوعي المغربي سابقاً وحزب التقدم والاشتراكية اليوم).”[8] و كان ظهور الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين تعبيرا عن انبثاق تيار سياسي جديد هو اليسار الماركسي. و رغم أن عبد اللطيف  لم يكن “يتدخل في التجمعات العامة”[9]، إلا أنه كانت له أدوار قيادية داخل الجبهة كما يشهد بذلك رفيقه مصطفى التمسماني. وقد كان من المنشطين الرئيسيين لمجلتها الحائطية بل كان يساهم في كتابتها بخطه الجميل. انتقل عبد اللطيف بسرعة من النشاط الطلابي إلى النشاط السياسي فالتحق بمنظمة إلى الأمام مباشرة بعد تأسيسها في غشت 1970. وفي مطلع سنة 1971، أخبر صديقه كمال عبد اللطيف الذي كان يقيم معه في نفس الغرفة أنه “يترك الجامعة، ليتفرغ للعمل السياسي. مشيراً إلى أن العمل الذي ينتظره أكبر من الشهادة الجامعية.”[10] وقد أهلته ثقافته الفلسفية وإتقانه للغة العربية إضافة لمؤهلاته القيادية لأن يلعب، رغم صغر سنه، أدوارا طلائعية في مسار “إلى الأمام”.
“دينامو” إلى الأمام 
اختير عبد اللطيف زروال عضوا في الكتابة الوطنية لمنظمة “إلى الأمام” خلال ندوتها الوطنية الأولى التي انعقدت يومي 31 دجنبر 1971 و 1 يناير 1972. ولم يمر عن ذلك سوى بضعة أشهر حتى دفعته حملة الاعتقالات الواسعة التي مست الحركة الماركسية اللينينية المغربية للدخول إلى السرية. وقد حكم عليه لاحقا بالسجن المؤبد غيابيا في محاكمة المجموعة 44 سنة 1973. لعب عبد اللطيف، باعتراف رفاقه دورا هاما في النقاش الذي عرفته المنظمة حول الأخطاء التي سهلت اعتقالات ربيع سنة 1972 وحول الخطوط العامة لعمل المنظمة لتلافي مثل هذه الضربات والتقدم في اتجاه تحقيق أهدافها : بناء حزب البرولتياريا المغربية الذي سيقود بتحالف مع الفلاحين الفقراء ثورة شعبية ضد النظام الملكي بغية إقامة جمهورية المجالس الشعبية كمرحلة أولى نحو الاشتراكية. ساهم عبد اللطيف في صياغة أغلب الوثائق التي أصدرتها المنظمة في الفترة ما بين 1972 و1974. كان الطموح الذي يحذوه، وهو القادم من عائلة لها ارتباطات بالبادية، هو تبيئة الماركسية في التربة المغربية وبناء خط ثوري ملائم لأوضاع بلد مثل المغرب يستند إلى إرث ثقافي ونفسي وتنظيمي أصيل متراكم من صراع القبائل ضد نهب الدولة المخزنية والغزاة الأجانب لأرضها وثرواتها. كان الاقتراب أكثر ما يمكن من الواقع المغربي هما يسكن عبد اللطيف و يشغله في أدق تفاصيل حياته و يمكن لكل من يتعرف عليه عن قرب أن يلمسه.  يقول رفيقه مصطفى التمسماني: “منذ اللقاء الأول مع عبد اللطيف وفي إطار المخالطة معه تكتشف أنه ملتصق بالأرض دون أن يصرح بذلك […] فهو يتكلم لك عن القرية كثيرا. فالعالم القروي تعرفنا عليه بواسطة زروال  […] وعالم الجماهير الشعبية الحقيقية تعرفنا عليه كذلك بواسطته وكذلك نكته مرتبطة بهذا الإرث الثقافي الشعبي”[11].
ورغم قساوة حياة السرية، حافظ عبد اللطيف على تفاؤله الثوري وأمله في التحقق القريب لأحلامه بالتحرر والانعتاق. وكان يستمد إيمانه القوي بعدالة القضية التي يناضل من أجلها من حبه العميق لشعبه وتألمه للمعاناة التي يعيشها جراء اختيارات نظام فاسد قائم على القمع والنهب بحماية من القوى المتنفذة عالميا. لقد كان مستعدا لكل التضحيات اللازمة حتى تزول هذه المعاناة ويحيا الوطن حرا والشعب سعيدا. لذا كان يؤمن أن الإنسان قادر على الانتصار على آلة التعذيب مهما كانت همجيتها. و لقد كان نموذج المناضلين الفيتناميين (الذين كانوا يعمدون إلى قطع لسانهم، إذا ما اعتقلوا، من أجل ألا يبوحوا بأي شيء حول رفاقهم في  التنظيم) حاضرا في ذهن عبد اللطيف[12]. لقد جسد ذلك بصموده البطولي حتى الموت أمام التعذيب الوحشي الذي تعرض له.
وبالنسبة لشاب في مثل سنه، كانت حياة السرية تعني الحرمان من العديد من الأشياء المهمة كزيارة العائلة و بناء علاقة عاطفية. يقول رفيقه “مصطفى خلال ” الذي تعرف عليه في إطار العمل التنظيمي داخل إلى الأمام سنة 1973: “حدثته  عن  قصة  حب كنت  أعيشها  وكانت المحبوبة  رفيقة  لي  في  النضال  وكان  عبد  اللطيف  يعرفها إذ كانت  تلك  الفتاة  من  بين  الطالبات  القلائل  اللاتي  كن  ينتمين  لتنظيمنا. وسألته  بدوري  مرة  هل  يحب هو  الآخر  فتاة  ما.  صمت بضع  ثوان  وقال  لي:”هل  تعرف  فتاة  تقبل  بوضعي  كمناضل  يعيش  في  السرية ؟”[13] و لقد كان الحرمان من رؤية والديه يسبب له ألما و حزنا بالغين “إلى درجة  أنه  في  إحدى  أماسي  شهر  مارس  1973، لم  يستطع  على  هذا  الحرمان  صبرا. هكذا غامر الشهيد وخرق  التعليمات  النضالية وراح  إلى  مدينة  برشيد حيث  كان  بيت  العائلة  وما  أن  اقترب  من  البيت  حتى  ضغط  عليه  حدس  غريب  أن  يرجع  موحيا  له  أن  مغامرته  غير  مضمونة  العواقب. ورجع  أعقابه.”[14] يقول مصطفى خلال: “حكى  لي  هذه  الواقعة  في  ألم  ما  زلت  أذكره  إلى  اليوم. اغرورقت  عيناه  الكبيرتان  السوداوتين  بأهدابهما  الكثيفة  بالدمع. “[15] و في إحدى المرات ذات مساء بداية سنة 1974، كان يمر قرب حي عين الشق بالبيضاء في سيارة يقودها رفيقه أبراهام سرفاتي حين لمح أمه التي لم يرها منذ مدة طويلة. يقول أبراهام عن هذه اللحظة المؤثرة في رسالة غير منشورة وجهها لوالدي عبد اللطيف : “منعته ذلك المساء من الذهاب إليك لتقبيلك. لقد طلب مني أن أتوقف لكي يراك لحظات إضافية. لقد تأثر تأثرا بالغا و ظل متأثرا ذلك المساء كله.” يضيف أبراهام: “وذات يوم في شهر شتنبر 1974، حين بدأنا نحس بالطوق البوليسي يضيق علينا، في هذه الحياة حيث الطموحات الحميمية ممنوعة، قال لي كم يتمنى لو كان له طفل سيكلفك بتربيته كما ربيته هو نفسه.”    
لم يكن لهذه الخصال إلا أن تؤثر على رفاقه المحيطين به. يقول سرفاتي في مقال بعنوان “معلمي زروال” كتبه بمناسبة الذكرى الخامسة لاستشهاد عبد اللطيف : “رشيد[16] يا رفيقي، رشيد يا معلمي/ فضلك علي كبير ولكن كونك معلمي هي العلامة التي بقيت محفورة في داخلي بعمق أكبر. فرغم كل سنوات النضال، وأي نضال، بقيت بورجوازيا، ورغم صعوبات السرية الجمة جعلتني أكتشف […] أدق حركات السلوك البروليتاري، العناية التي كنت توليها لأبسط الأشياء في الحياة اليومية، الانضباط الذاتي أصبح طبيعيا، قيامك التلقائي بأبسط الأشياء الأعمال في الحياة الجماعية وفي كل هذا كنت تتصرف بظرافتك المعهودة، هذه الظرافة التي جعلت أحد الأقرباء الذي لم يعرف عنك الكثير سينعتك ب “العذب”.” كما اعتبر صديقه الحميم المشتري بلعباس أن جزءا من كيانه قد غاب باعتقال عبد اللطيف[17]. “فقد كان عبد اللطيف إنسانا مرحا ومن الصعب أن تجد له أعداء”[18]. وقد جعله صموده واستشهاده البطوليين يشغل مكانة خاصة في ذاكرة اليسار المغربي.
الشهيد الحي 
رغم مرور 41 سنة عن اغتيال عبد اللطيف زروال والادعاءات الزائفة للدولة حول الإنصاف والمصالحة وطي صفحة الماضي، لم تعرف قضيته طريقها إلى الحل العادل والمنصف. ففي البداية، أنكرت الدولة علمها باعتقاله قبل أن تعترف بوفاته لكن بأسباب “طبيعية” بعد “إلقاء القبض عليه” في محاولة لتزوير أسباب الوفاة.[19] كما دفن عبد اللطيف بمكان مجهول حتى اليوم. ولم يأت التقرير النهائي لهيأة الإنصاف والمصالحة بجديد في القضية. فقد اكتفى بالتوصية باستكمال البحث لتحديد المكان الذي دفنت به جثته. علما أن أحد أعضاء الهيأة سبق له أن زار العائلة لإخبارها بأن رفات عبد اللطيف يوجد بإحدى مقابر الرباط (حي الشبانات). لم تتم متابعة تنفيذ هذه التوصية من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ثم من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان. ولتحريك الملف وكسر الجمود الذي تعرفه القضية وإيجاد حل منصف وعادل لها (أساسه الكشف عن الحقيقة حول ظروف اختطاف وتعذيب وقتل عبد اللطيف زروال ومحاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم البشعة وتسليم رفاته لعائلته)، أسس عدد من الفعاليات السياسية والحقوقية والإعلامية[20] سنة 2009 لجنة لمتابعة القضية ينسق عملها عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان الطيب مضماض. وقد عملت “لجنة كل الحقيقة حول مصير عبد اللطيف زروال” على جمع شهادات حول الشهيد في إطار حفظ الذاكرة ومراسلة الجهات المسؤولة بخصوص الرفات و مساءلة المجرمين عن هذه الجريمة. كما عملت على تنظيم حملة لتعبئة الرأي العام وطنيا ودوليا وتوقيع عرائض. وفي سنة 2010 وبمبادرة منها، قدم فريق من المحامين ينسقه الأستاذ النقيب عبد الرحمان بن عمرو[21]، شكاية باسم العائلة لدى قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالرباط قصد فتح تحقيق مع الجلادين قدور اليوسفي وبوبكر الحسوني والمتعاونين معهم من أفراد الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ومسؤولين في مستشفى ابن سينا. بعد مسلسل قضائي دام قرابة خمس سنوات تم فيه نقض قرار غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف مرتين من طرف محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا)، قررت الأولى (غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف) إلغاء قرار عدم فتح تحقيق بخصوص جريمة إخفاء الجثة على اعتبار أن الجرائم الأخرى الواردة في الشكاية[22] تقادمت حسب القانون الجنائي المغربي رغم أنها غير قابلة للتقادم في القانون الإنساني لأنها جرائم ضد الإنسانية. لهذا تصر العائلة على ضرورة محاكمة مرتكبيها ولو تطلب الأمر اللجوء إلى القضاء الدولي. رغم ذلك، يمثل هذا الحكم القضائي انتصارا صغيرا وجزئيا في المعركة الطويلة التي تخوضها عائلة الشهيد ومعها الحركة الديمقراطية المغربية منذ 41 سنة وهي التي تعلم علم اليقين أن الحل المنصف والعادل لملف اختطاف وتعذيب واغتيال عبد اللطيف زروال وغيره من شهداء هذا الوطن وملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان عموما رهين بتحقيق تقدم حقيقي ونوعي في نضال شعبنا من أجل الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
قبل ثمان سنوات، اتصل بي أحد الصحافيين الشباب لأربط له الاتصال بوالدي عبد اللطيف زروال قصد كتابة مقال بإحدى الأسبوعيات الناطقة باللغة العربية. فسألته عن سبب اهتمامه بالموضوع وهو الشاب الذي لم أعرف عنه التزاما نضاليا. فأجابني بأن أحد زملائه بمعهد الصحافة ينحدر من مدينة برشيد. وقد حكى له عن الروايات الغريبة التي تروج عن عبد اللطيف زروال من قبيل أنه مثل أمام الحسن الثاني أثناء اعتقاله. فاستغربت لعدم علمي بهذه الرواية وأنا الذي قضيت سبع سنوات ببرشيد دون أن أسمع عنها. حينها أيقنت أن الشعوب لا تنسى رموزها. فمهما طال الزمان ومهما تعددت الانكسارات والهزائم فإن إرادة التحرر والانعتاق تتغذى من بطولات الماضي لتبني المستقبل.
لهذا فإن عبد اللطيف زروال الذي دفع ضريبة حبه للوطن موتا، باركت حبيبته تضحيته برفعه لمصاف الشهداء الأحياء الذين لا يموتون[23]. لقد صار :  
“فصلا خامسا
أكثر نشوة من الربيع
أكثر غنائية من الخريف
فصلا لا مجال فيه للحركة
فصلا
تترعرع فيه جذور الأفكار
وتزهر أيدي الرجال “[24].
تمارة في 2 نونبر 2015
[1]– الذي نقل إليه جراء تدهور حالته الصحية بسبب التعذيب والاعتقال في درب مولاي الشريف منذ شهر ماي 1974.
[2] – انظر شهادة عبد الرحمان نودا: “رقدت فوق نفس السرير الذي توفي فوقه عبد اللطيف زروال” المنشورة في أسبوعية “الحياة”، العدد 98، 25-31 مارس 2010 ص: 9  .
[3] – يقصد المعتقل السري “درب مولاي الشريف”.
[4]  – من شهادة غير منشورة ل”مصطفى خلال” ل”لجنة كل الحقيقة حول مصير عبد اللطيف زروال“.
[5]–  شهادة “كمال عبد اللطيف” ل”لجنة كل الحقيقة حول مصير عبد اللطيف زروال”.
[6]– نفس المصدر السابق.
[7] –  نفس المصدر السابق.
[8]  – نفس المصدر السابق.
[9]  – من شهادة غير منشورة لـ”مصطفى التمسماني” لـ”لجنة كل الحقيقة حول مصير عبد اللطيف زروال.
[10]  – شهادة كمال عبد اللطيف.
[11]  – شهادة مصطفى التمسماني.
[12] – يحكي “مصطفى خلال” في شهادته عن عبد اللطيف: “قال لي مرة بأن المناضلين الفيتناميين، ومن أجل ألا يصرحوا برفاقهم في  التنظيم إذا ما  حدث أن اعتقل الواحد منهم كان يعمد إلى قطع لسانه”.
[13]  – نفس المصدر السابق.
[14]  – نفس المصدر السابق.
 [15]  – نفس المصدر السابق.
 [16]  – أثناء السرية، كان لعبد اللطيف عدد من الأسماء المستعارة من بينها محمود و رشيد.
[17]  – نظر شهادة المشتري بلعباس المنشورة في الصافي الناصري، لحسن العسبي، أقصى اليسار بالمغرب، مقارعة نبيلة للمستحيل، المركز الثقافي العربي، بيروت، 2002.
[18]  – نفس المصدر السابق.
 [19]   – فيما قدمت النيابة العامة، في محاكمة سنة 1977، شهادة طبية مسلمة من مدير مستشفى ابن سينا تشير إلى موته بسبب “أوديما مبرحة في الرئة”، كانت الشرطة القضائية وعلى رأسها الجلاد اليوسفي قدور قد ادعت في بحثها التمهيدي “أن سبب وفاة عبد اللطيف عائد إلى ألم مبرح في المعدة اشتكى منه بمجرد ما ألقي عليه القبض”.
[20]  – يتعلق الأمر حسب البلاغ التأسيسي بكل من: عزيز لوديي، عبد الرحمان بنعمرو، عبد الإله بنعبد السلام، عبد اللطيف زروال، عبد الله الحريف، خالد الجامعي، محمد الصبار، عبد الرحيم الجامعي، زهور أزلاف، الطيب مضماض، علي أنوزلا، حسن حاج ناصر، العربي معنينو، سعيد السكتي. و قد التحق آخرون باللجنة فيما بعد. و يتعلق الأمر بأحمد ويحمان، حسن أحراث، عبد الرحيم الخادلي و الحسين بوسحابي.
 [21] – أحمد آيت بناصر و محمد صادقو  ضم فريق المحامين كذلك الأساتذة: عبد الرحيم الجامعي.
[22]  -يتعلق الأمر بالجرائم التالية: الاختطاف، تعذيب المخطوف، استعمال التعذيب في ارتكاب جناية، التسبب العمدي في القتل الذي يسبقه أو يصحبه أو يعقبه جناية أخرى، عدم التبليغ بارتكاب جناية، التزوير في وثائق رسمية، استعمال وثائق مزورة.
 [23] أ – لم ينه عبد اللطيف زروال قصيدته “عن الحب و الموت” بالقول:
 “ها أنذا أدفع الضريبة
فلتباركي موتي يا حبيبة”
[24] – مقطع من القصيدة التي كتبها الشاعر عبد اللطيف اللعبي رثاء لعبد اللطيف زروال و هي بعنوان “فارس العطاء”. نشرت في ديوان “أزهرت شجرة الحديد”.

           عبد اللطيف زروال عضو “لجنة كل الحقيقة حول مصير عبد اللطيف زروال”


السبت، 9 سبتمبر 2017

الرافضون لافتتاح مقبرة ضحايا 81 في وقفة .. الحقيقة و لابد ! | فبراير تيفي

حقوقيون غاضبون : لهذا نندد بافتتاح مقبرة 81 و لن نضع العربة قبل الحصان !...

حوار رائع بين ضحايا مقبرة 81 و الحقوقية الجبابدي حول الوجه الرهيب لانتها...

عائلات ضحايا مقبرة 81 تنهار و الجبابدي تواسيهم في لحظات مؤثرة : قرطسوه و...

مشاهد مؤثرة و مؤلمة من مقبرة شهداء 1981 | شوف تيفي

أخ أحد ضحايا واقعة 1981 : أخي ضربوه بالقرطاس و لاحوه في مقبرة جماعية | ش...

تصريح صالح وناس أحد ضحايا أحداث 20 يونيو 1981 بالدار البيضاء

حكاية طريفة لشاهدة على أحداث الدارالبيضاء "20 يونيو 1981"

الأم التي تبكي ابنها منذ 35 سنة بحثا عن قبره إلى أن تورمت عيناها | فبراي...

شهادة صادمة .. الجيش قتل زوجي وتحلف علي القايد الا دويت وملي شفت سيدنا ع...

هذا ما قاله للملك محمد السادس الأب الذي شاهد ابنيه يقتلان في المقاطعة بب...

بعد 35 سنة على انتفاضة 81 .. "فبراير" في بيوت عائلات ضحايا مزقهم الرصاص ...

السبت، 2 سبتمبر 2017

هكذا يتم تنفيذ عقوبة الإعدام في المغرب شهود عيان راقبوا وقوع الموت عن قرب.

هكذا يتم تنفيذ عقوبة الإعدام في المغرب شهود عيان راقبوا وقوع الموت عن قرب

كل الذين ساهموا بشكل أو بآخر، في الإعدامات وإيقاع الموت قانونيا من جهة، والذين فقدوا حياتهم جراء ذلك، كلهم كانوا نتاج ظرفية تاريخية أو مجتمعية ، فكيف يتم تنفيذ عقوبة الإعدام؟ 
"حي الإعدام" بالسجن المركزي بالقنيطرة، فضاء يكاد يكون مظلما لولا ضوء خافت ينبعث من مصباح غشاه غبار السنين المتراكم..نور ضعيف لا يضيء إلا جزءا ضئيلا من الحي.. يشعر والجه بأن الموت قريب منه، يحوم حوله من كل الجوانب. فقد تناسلت الكثير من القصص حول هذا الحي وقاطنيه الطين كانوا نادرا جدا ما يستعملون أفعال المستقبل كأن لا غد لهم مهما كان قريبا.. وجوههم يائسة لا لون لها.. نظراتهم ذابلة وباردة لا حرارة حياة فيها.. عيون مثقلة من قلة النوم بالنهار والاستيقاظ بالليل..إذ كانوا يأتون ليلا لأخذ المحكومين بالإعدام عندما تحين ساعتهم.. لهذا لم يكن أحد من نزلاء حي الموت يقوى على النوم ليلا حتى لا يفاجأ بموعد حلول الموت وهو نائم.. كل دقائق الحياة اليومية لنزلاء حي الإعدام تدور حول الموت.. وقد تكيف حراس هذا الحي وموظفو الإدارة مع هذا الواقع.. التزموا "ببروتوكول" خاص لا مثيل له في أحياء السجن الأخرى.. مثلا كلهم يرتدون أحذية رياضية ليلا خشية إحداث صوت عند تحركهم، لأن صوت الأقدام ليلا يفهم منه أنهم آتون لاقتياد أحد النزلاء إلى عمود الإعدام، كما أنهم يتجنبون فتح أو إقفال الأبواب الحديدية بقوة، لأن صوت المفاتيح في الأقفال ليلا، يوحي هو كذلك بنفس الشيء.. هكذا تكيف نزلاء حي الإعدام بالسجن المركزي مع الموت وصاحبوه في كل شبر من هذا الفضاء.. لا أمل لهم إلا واحد لا ثاني له، انتظار عفو ملكي يحول عقوبة الإعدام إلى المؤبد لاسترجاع حقهم في الحياة التي سلبوا منها بمجرد أن نطق القاضي الحكم في آخر جلسة.


عموما، يخضع تنفيذ عقوبة الإعدام في المغرب لإجراءات مسطرية خاصة، فمباشرة بعد النطق بالحكم النهائي من طرف غرفة الجنايات في محكمة الاستئناف، حيث جرت المحاكمة، يقدم طلب فوري بالعفو، ويعامل السجين المحكوم بالإعدام بطريقة ينظمها القانون، كما يجري التنفيذ حسب إجراءات محددة، ويمارس رميا بالرصاص، بعد أن يصدر وزير العدل قرار التنفيذ.

الأستاذ عبد الرحمان بن عمرو
شاهد عيان حضر أكثر مرة تنفيذ عقوبة الإعدام
يعتبر النقيب عبد الرحمن بن عمرو من المحامين الذين حضروا الكثير من حالات تنفيذ عقوبة الإعدام بالمغرب. عاين تنفيذ عقوبة الإعدام في القضايا السياسية التالية:
- تنفيذ عقوبة الإعدام على المقاومين الأربعة : بنحمو الفواخري ورفاقه وقد كان التنفيذ سنة 1961 وبداية 1962.
- تنفيذ عقوبة الإعدام على المحكوم عليهم في القضية المعروفة بقضية المقاوم عمر دهكون ومن معه، والتي صدر فيها حكم في 30 غشت 1973 متضمنا 16 إعداما ونفذ في 15 منهم في فاتح نونبر من نفس السنة، أما المحكوم عليه السادس عشر فقد أجل تنفيذ الحكم فيه، لينفذ، بعد إضافة ستة آخرين أعيدت محاكمتهم، ولينفذ أخيرا في حق هؤلاء السبعة في غضون شهر غشت 1974.
- تنفيذ عقوبة الإعدام على الضباط العسكريين، فيما عرف بقضية الهجوم جوا على الطائرة الملكية، وعدد المحكوم عليهم بالإعدام 11 (قضية محمد أمقران ومن معه)، وقد صدر الحكم في 17 نوفمبر 1972 ونفذ ليلة عيد الأضحى.
نفذ الإعدام في القضايا المذكورة قرب السجن المركزي بالقنيطرة، في ساحة قرب المهدية وذلك بعد عصب العينين وتقييد الأيدي وربط المنفذ عليهم بأعمدة، وعن طريق الرمي بالرصاص من طرف مجموعة من الجنود يقفون على مساحة معينة (حوالي 100 متر)، ويتم الإعدام في جنح الظلام وبالتدقيق قبيل الفجر.
و حسب الفصل 19 من القانون الجنائي، قبل نسخه بمقتضى الفصل 756/6 من المسطرة الجنائية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر من سنة 2003، فإنه يحضر عملية التنفيذ رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم، وإلا فقاض يعينه الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، وعضو من النيابة العامة، وأحد قضاة التحقيق، وإلا فأحد القضاة من محكمة المكان الذي يقع به التنفيذ، وأحد كتاب الضبط، ومدافعو المحكوم عليه، ومدير السجن الذي يقع فيه التنفيذ أو كان المنفذ عليه معتقلا به، ورجال الأمن الوطني المكلفون من قبل النيابة العامة، وطبيب السجن وإمام ثم عدلان.
بعد نسخ الفصل 19 وذلك بمقتضى المادة 756/6 من المسطرة الجنائية الجديدة، فإن هذه الأخيرة أعادت، عن طريق المادة 603 من المسطرة الجنائية ذكر من يحضر عملية التنفيذ، وهم تقريبا نفس من ورد ذكرهم في الفصل 19 من القانون الجنائي، أي الفصل المنسوخ. ومن ضمنهم "محامو المحكوم عليه"، الأمر الذي يعني أن المشرع أبقى نظريا على حضور الدفاع ولكنه من الناحية العملية فإنه - حسب ما يعلم الأستاذ عبد الرحمن بن عمرو - منذ أواسط السبعينيات لم يعد يستدعى المحامون لحضور عملية تنفيذ الإعدام.
ومن المفروض أن يصل المحام إلى السجن المركزي قبل نقل موكله إلى ساحة التنفيذ وأن يلتقي به في السجن ويسمع إلى ما يرغب في التصريح به. إلا أنه من الناحية العملية لم يسمح للأستاذ بالاتصال بموكله قبيل تنفيذ الإعدام، إلا في مجموعة قضية حمو الفخاري وقضية مجموعة الضابط أمقران، أما في قضية عمر دهكون ومن معه فإنه لم يسمح له ولا لبقية الدفاع بالاتصال بهم قبيل التنفيذ. وبعد ذلك لم يعد الدفاع يخبر أو يستدعى لحضور عملية التنفيذ رغم أن القانون كان ينص على ذلك.
أما حاليا، وكما أشرت، فإنه نسخ أو ألغي الفصل 19 من القانون الجنائي الذي كان ينص على حضور الدفاع عملية التنفيذ.
إن عمليات التنفيذ الثلاثة التي حضرها الأستاذ بن عمرو، اتصف المنفذ فيهم بالثبات والرجولة، وكانوا يقرأون القرآن، ويتذكر الأستاذ بالنسبة للتنفيذ في مجموعة المقاومين الأربعة (بنحمو الفخاري ورفاقه) أن الفخاري رفض وضع العصابة على عينيه معلنا أنه مستعد أن يموت وهو يرى سماء المغرب.
وبعد إطلاق النار من طرف فرقة الإعدام، يعاين أحد الضباط الميت ويتأكد بعد إطلاق الرصاص، هل تحقق الموت، ويطلق على من لازال يحتضر ما يسمي برصاصة الرحمة.
أما حضور العدلين، فالمقصود منه هو أخذ مطالب المنفذ عليهم الإعدام، إلا أن الأستاذ أقرّ أنه لم يسبق له أن استمع عن قرب لهذه المطالب.

الراحل جواد العراقي محام ونقيب سابق
"رجعت إلى البيت محطم الأعصاب"


قبل وفاته تجاذبت أطراف الحديث مع الأستاذ الراحل جواد العراقي المحامي بهيأة القنيطرة بخصوص مراسيم تنفيذ عقوبة الإعدام لأنه عاين إحداها، وقبل الخوض في الموضوع أصر الراحل على التذكير بأن قضية الإعدام كانت الشغل الشاغل للمحامين الشباب في أوائل ستينيات القرن الماضي، ذلك أنه بعد اختيار الأستاذ أحمد الشاوي كاتبا لندوة المتمرنين بهيئة المحامين بالرباط للسنة القضائية 1963 – 1964، قام بتقديم خصصه لموضوع عقوبة الإعدام مطالبا في ختامه بإلغائها، والجدير بالذكر أن ندوة التمرين كان يحضرها إذ ذاك وزير العدل والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف والهيئة القضائية علاوة على المحامين.
وعقب هذه الندوة تكونت جمعية للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، وكان من ضمنها عدد كبير من المحامين، بينهم الأساتذة الراحل محمد بوزوبع والراحل الفاروقي والراحل أحمد عبابو وعباس الفاسي والراحل جواد العراقي وغيرهم، وأخذوا على عاتقهم أن تكون مقدمة مرافعتهم في كل قضية يطلب فيها الإعدام الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام وعدم النطق بها.

وبخصوص حالة تنفيذ الإعدام التي عاينها، قال الراحل جواد العراقي.. في ليلة إعدام العقيد أمقران ومن معه، كانت هذه الجماعة (مجموعة المطالبين بإلغاء عقوبة الإعدام) إضافة إلى عدد من الفاعلين الجمعويين والمثقفين ومنهم عبد الكريم غلاب مجتمعين في منزل الراحل محمد بوزبع ليحرروا ميثاق ميلاد هذه الجمعية، إلا أنهم فوجئوا برجال الأمن يحضرون للمنزل المذكور لإبلاغ محاميي الدفاع قرار تنفيذ الإعدام في قضية العقيد أمقران والكويرة ومن معهما.

وأضاف الراحل جواد العراقي.. هكذا حضرت تنفيذ الإعدام ليلة عيد الأضحى لسنة 1973، وكان الأمر يتعلق بالمحكوم عليهم بالإعدام في قضية ما سمي بـــ "الهجوم على الطائرة الملكية"، علما أنني لم أحضر قط أي تنفيذ إعدام في الأظناء".

واسترسل الأستاذ الراحل موضحا.. إنني لما توصلت بالاستدعاء لحضور تنفيذ عقوبة الإعدام سقط كل ما كنت أمسكه بيدي آنذاك.. فالعلاقة بين المحامين والشخص المحكوم عليه بالإعدام تكون علاقة تخرجه عن نطاق العمل فقط، وتصبح علاقة شبه عائلية وأخوية تقريبا.

وأقر الأستاذ الراحل قائلا.. أجل إن حضور المحامين من الناحية المحامية ضروري، فالمحكوم عليه بالإعدام لا يكون له قريب أو مؤنس في تلك اللحظة سوى محاميه. علما أن الإطلاع على محضر عملية تنفيذ عقوبة الإعدام بالمغرب يفيد بأنها تتم بحضور جماعة من الأشخاص كلهم كانوا وراء صدور هذا الحكم، واللائحة كما يلي: الرئيس الذي أصدر العقوبة، وقاضي التحقيق، والوكيل العام، والمنفذون.
ويسترسل الأستاذ الراحل حديثه مبينا.. لقد حضرت تنفيذ الإعدام في مجموعة العقيد أمقران التي تمت في أولاد برجال "الشليحات" على الساحل المحيط الأطلسي بعيد عن الساكنة بناحية القنيطرة، في فضاء مخصص لعمليات تدريب الجنود على الرماية. أما حالة المحكوم عليهم، فكانت عادية، عكس ما قد يتصوره المرء، كانوا شجعانا وتقبلوا تنفيذ الحكم بثبات ورباطة جأش طالبين الشهادة والاستشهاد.
وفي خضم حديثه رجع الأستاذ الراحل جواد العراقي إلى الماضي خلال عملية السرد ليؤكد.. حضرنا إلى السجن المركزي بالقنيطرة مبكرا، وبعد أن حضر الرئيس الذي أصدر الحكم تقدم المحكوم عليهم بمعية محاميهم. أما طلباتهم فقد فكانت منحصرة في المسائل المتعلقة بعائلاتهم وأفراد أسرهم.
وأشار الأستاذ الراحل.. أنه في إطار هذه القضية تم تأخير موعد التنفيذ إلى حوالي الساعة الثامنة صباحا لأسباب كنا نجهلها، مع العلم أن التنفيذ كان من المفروض أن يتم قبل الفجر، وتمت عملية التنفيذ بعد وقوف المحكومين مصطفين مقيدين ومربوطين للعمود، وأمامهم اصطف أفراد فرقة الرماة على بعد بضعة أمتار، وبعد إشارة رئيسهم دوت طلقات النار، وبعد ذلك قامت الفرقة بمعاينة الجثث ليتيقنوا سداد التنفيذ، بالموت الأكيد.

وختم الراحل الأستاذ جواد العراقي حديثه قائلا.. كانت هذه أول مرة أحضر فيها معاينة تنفيذ العقوبة القصوى، وكان لمشهدها وترتيباتها تأثير شديد القوة على نفسي، بحيث رجعت إلى البيت محطم الأعصاب، ولولا علمي المسبق بأشياء أخبرني بها المحكوم عليهم في خلوة بيننا (المحاميين) وبينهم قد تقع، لما وجدت القوة لمغادرة البيت. لذلك اضطررت أن أتوجه إلى الرباط ولكن مع الأسف الشديد وصلت متأخرا، فحصل ما حذروا منه، كما وقع للأستاذ محمد اليازغي عندما انفجر طرد بين يديه.
إعدام الكوميسير ثابت

ما هي الأسباب التي جعلت من الكوميسير ثابت، المجرم الأكثر شهرة بالمغرب؟ هل نظرا لجرائمه البشعة غير المألوفة ببلادنا، أم لأنه كان آخر محكوم بالإعدام لقي حتفه تنفيذا للعقوبة؟ يبدو أن السببين معا تداخلا مع الظرفية والوظيفة لجعله كذلك في نظر أغلب المغاربة.
إعدام الكوميسير ثابت كان آخر إعدام تم تنفيذه بالمغرب وكان ذلك في غضون شهر شتنبر 1993.
صدر الحكم بالإعدام في غضون شهر مارس 1993، وتم تنفيذه يوم الإثنين 9 غشت من نفس السنة. لأول مرّة بالمغرب تمّ التنفيذ بسرعة فائقة غير معهودة، علما أن فضائح الكوميسير انفجرت في شهر رمضان. وبعد إعدامه ساد جوّ من الرعب في جناح المحكومين بالإعدام بالسجن المركزي بالقنيطرة، ولم يرجع إليه الهدوء وشيء من السكينة إلا في غضون شهر يوليو 1994 عندما استفاد المحكومون بالإعدام بعفو ملكي خفض العقوبة إلى السجن المؤبد أو مدة محددة.
لقد تخلصوا من الانتظار الذي يُعتبر أكبر أعداء المحكوم بالإعدام، بجانب الضجيج الذي تحدثه المفاتيح والأبواب الحديدية بحي "ب" بالسجن المركزي وأقدام الحراس ليلا. إذ أن فتح زنزانة ليلا في هذا الجناح يعني شيئا واحدا لا ثاني له، حلول موعد الحتف ومقابلة فرقة الموت. 
في الخامسة صباحا من اليوم الموعود، لوحظت حركة غير عادية بحي الإعدام بالسجن المركزي بالقنيطرة، كان الكومسير ثابت منهمكا في أداء صلاة الصبح، آخر صلاة قبل مواجهة الموت، ذلك اليوم حضر جملة من الشخصيات لمعاينة عملية تنفيذ الإعدام، وكان من بين الحضور الجنرال حسني بنسليمان، أحمد الميداوي (الذي أصبح مديرا عاما للأمن الوطني بعد هذه المعاينة) ومحمد لديدي (مدير إدارة السجون)، ومدير السجن المركزي، والقضاة ومحامي الدفاع.
أمام فرقة الرماة، رفض الكوميسير وضع العصابة السوداء على عينيه، وبعد آخر ارتجافة صرخ قائلا: "حوكمت من أجل ما يقوم به جميع الناس، لكن الأشخاص الذين أدينوا معي لا دخل لهم في هذه القضية..." 
قبل تنفيذ العقوبة كانت معنويات ثابت جيدة، إذ لم يكن يخطر بباله أنه سيقف وجها لوجه أمام فرقة الموت. هذا ما أكده مدير السجن المركزي الذي دأب على زيارته يوميا بزنزانته الانفرادية. آنذاك كان ثابت اعتاد على الاستيقاظ باكرا لأداء صلاتي الفجر والصبح. وقتئذ كان عدد من الشخصيات يزورون الكوميسير ثابت لطمأنته، وحينها كان يردد: "يجب الانتظار بعض الوقت خلف القضبان في صمت قبل معانقة الحرية من جديد". لكن في واقع الأمر كان مجرى الأحداث يسير في اتجاه معاكس بالتمام والكمال. 
أعدم الكوميسير ثابت بتهمة هتك عرض عدة نساء مع استعمال العنف والوحشية والقيام بتصويرهن على أشرطة فيديو خاصة، لكن الشريط 32 ظل لغزا محيرا ولطالما نادى ثابت بمشاهدته، لكن القاضي رفض طلبه مرارا.
لم يكن الكوميسير ثابت يظن أن حكم الإعدام سينفذ، وظل يعتقد أنه سيتم إعادة النظر في الحكم الذي لن يتجاوز 5 سنوات على أبعد تقدير، إذ تلقى وعودا كثيرة بهذا الخصوص من شخصيات وازنة.
يوم إعدامه كانت عائلته تهيئ "القفة" لزيارته في السجن فسقط عليها خبر تنفيذ الإعدام كالصاعقة.
ومن آخر مطالبه أنه التمس من الملك إعادة التحقيق في القضية ليعرف أبناؤه الحقيقة كاملة، كما طلب أن تمنح ساعته ونظاراته لابنه عماد، لكن لم تتم الاستجابة لطلبه، وسلمت جثثه للعائلة في صندوق مغلق. كما قيل أنه طلب من القاضي لحسن التولفي الذي عاين تنفيذ العقوبة إبلاغ زوجته برقم هاتف واسم شخصي، وقد قبل القاضي قبل اقتياده إلى عمود الموت.

إعدام أمقران والكويرة ورفاقهما الطيّارين

يوم السبت 13 يناير 1973، أعدم 11 طيارا بشاطئ الشليحات هم أمقران، الكويرة، زياد، بوخالف، المهدي، بلقاسم، بينوا، بحراوي، كمون، العربي واليزيد، رميا بالرصاص.
بعد نهاية المحاكمة ظل أمقران والكويرة داخل السجن العسكري بالقنيطرة يقضيان نهارهما في الحديث والمطالعة ولعب كرة السلة في ساحة السجن.
آنذاك راجت إشاعة عن إمكانية استفادتهما من عطف الملك وعفوه، كما راجت أخبار مفادها أن المقربين من الملك نصحوه بتهدئة الأجواء لاسيما وأن البلاد عرفت محاولتين انقلابيتين متتاليتين خلال سنة (صيف 1971 – صيف 1972)، لكن ما حدث كذب هذه الإشاعة، إذ تم نقلهما من السجن العسكري إلى دار المقري (النقطة الثابتة رقم 3)، حيث تعرضا للاستنطاق بخصوص علاقة عمر الخطابي بالانقلاب ومورست عليهما جميع أنواع التعذيب، وفجر اليوم الموالي نفذ في حقهما ومن معهما حكم الإعدام.
وخلافا لما جرى به العمل أعدموا بعد الفجر، تحت دفء أشعة الشمس الصيفية، على شاطئ المحيط الأطلسي بالشليحات على الضفة الشمالية لمصب واد سبو.
وحسب شهود عيان فإنهم واجهوا الموت بشجاعة ورباطة جأش، وعندما قيدوا على العمود قرأوا ما تيسر من القرآن.
إعدام عبد الرحيم إينوس

من الإعدامات الأولى المنفذة في الستينيات إعدام عبد الرحيم إينوس، الذي لم يكن سنه يتجاوز 14 ربيعا، عندما أطلق النار على الضابط لحسن الغول الذي صفى عددا من المقاومين.
صرح عبد الرحيم إينوس أمام هيئة المحكمة العسكرية في منتصف الستينيات أنه قضى على حياة مجرم اغتال الكثير من أبناء الشعب المغربي البررة، واعتبر ما قام به واجبا وطنيا لأنه تربى على رفض الظلم والاستغلال والخيانة في ظل الاستعمار الفرنسي، فكيف يقبله في عهد الاستقلال وهو صادر عن مغاربة ضد مغاربة؟
وكان حكم المحكمة العسكرية هو الإعدام رميا بالرصاص في حق عبد الرحيم إينوس ورفيقه في درب النضال والكفاح محمد باشوش.

لحظة إعدام الفواخري ورفاقه

من الإعدامات الأولى التي ارتبطت بشخص الملك الراحل، إعدام مجموعة محمد بن حمو العياشي (الفواخري) والتي اتهمت بالتخطيط لاغتيال الملك الحسن الثاني، ولي العهد آنذاك، شهورا معدودة قبل اعتلائه عرش البلاد. وتوبع الفواخري بمعية 10 من رفاقه بتهم حيازة السلاح والإخلال بأمن الدولة والقتل العمد.
وجاءت الأحكام التي نطق بها أحمد الزغاري، رئيس المحكمة العسكرية، مقرة حكم الإعدام في حق الفواخري وعبد الله بن لحسن الزناكي والمولات إدريس والجابوني وعمر بناصر، والمؤبد في حق الآخرين. ونفذ الحكم سنة 1961 داخل السجن المركزي بالقنيطرة، وقد رفض الفواخري وضع العصابة على عينيه، وكان آخر ما نطق به الكلمة التي سبق أن قالها المقاوم أحمد الراشدي قبل إعدامه من طرف السلطات الاستعمارية، "اتركوني أرى لآخر مرة سماء وطني الذي ضحيت في سبيله"، في حين كان آخر ما نطق به رفيق الفواخري، عبد الله بن لحسن الزناكي "يحيا الوطن" وقال رفيقهما المولات إدريس "هذا ما يجازينا به الإقطاع".

إعدام العسكريين

اتضح نهج الملك الراحل الحسن الثاني في الحكم مبكرا، وتجلى ذلك منذ سنة 1963، ثم في 1965 مع القمع الشرس الذي ووجه به التلاميذ والطلبة وأولياء أمورهم، بالإضافة إلى عملية اختطاف المهدي بن بركة. وقد شكلت سنة 1971 المفترق الذي كشف عن سخط وغضب بعض العسكريين الذين خططوا للانقلاب بسرعة عفوية غير معهودة لدى القادة العسكريين، وبالرغم من إعدام جنرالات ومحاكمة المتهمين بالمشاركة في انقلاب الصخيرات، تلاه انقلاب آخر في صيف 1972 (الهجوم على الطائرة الملكية) يوم 16 غشت 1972.
عشية فشل الانقلاب الأول تم اعتقال الجنرالات المشكوك في أمر مشاركتهم فيه، إذ كلهم خضعوا لاستنطاق أشرف عليه الجنرال محمد أوفقير شخصيا، هو الذي لم يدق طعم النوم ليلتين متتاليتين، وفي اليوم الثالث رافق الجنرالات إلى ثكنة مولاي إسماعيل بالرباط لإعداد تنفيذ إعدامهم بدون محاكمة.
وهناك من إحدى المكاتب تابع الملك الحسن الثاني وضيفه الملك حسين مشهد الإعدام بالمنظار.
تابعا معا المشهد من أوله إلى آخره.. إذ تم تجريد الضباط السامين من النياشين وربطهم بالأعمدة واستعداد فرقة الرماة لإطلاق النار.. ظلا معا يتابعان المشهد بالمنظار إلى حين سقوط المعدومين الذين هتف بعضهم إما بحياة الملك أو بحياة الوطن. كما عاين الملكان جثث المعدومين على الأرض والجنود الحاضرون يقتربون منها للبصق عليها.
وفي لحظة فقد المغرب 9 جنرالات من أصل 14 أغلبهم من الأمازيغ، وقد تابع المغاربة مراسيم إعدام الجنرالات على شاشة التلفزة مباشرة، كما حضرت جماهير غفيرة إلى ثكنة مولاي إسماعيل لمعاينة هذا الحدث، وكانت الحصيلة إعدام 4 جنرالات، بوكرين وحبيبي وحمو ومصطفى و4 كولونيلات والكومندار إبراهيم المانوزي، وكل هؤلاء لم تكن تربطهم أية علاقة بالسياسة، ولم يكن لديهم أي وازع ديمقراطي، بل أغلبهم ساهم في قمع المقاومة بجبال الريف منذ 1925 وقمع التحركات النضالية في مختلف أرجاء المملكة.
أما الانقلاب الثاني (16 غشت 1972)، فكانت حصيلته إعدام 11 ضابطا في يناير 1973 رميا بالرصاص. علما أنه تم تعيين الجنرال أحمد الدليمي ضمن هيئة القضاة التي نظرت في قضية الهجوم على الطائرة الملكية في صيف 1972، وبذلك كان خصما وحكما في ذات الوقت، إذ اقتصر دوره فقط على الضغط على زناد السلاح الذي سيصوب في اتجاه صدر المتهمين، وهذا ما كان.

إعدامات 1973

حطمت سنة 1973 الرقم القياسي بخصوص الحكم بعقوبة الإعدام وتنفيذها.
يوم فاتح نوفمبر تم إعدام 15 شخصا رميا بالرصاص، وجميعهم أدينوا في محاكمة مراكش على إثر أحداث مولاي بوعزة، بتهمة تهديد أمن الدولة، وتم تنفيذ الإعدام يومين بعد عيد الأضحى.
تم إعدام عمر دهكون ورفاقه، وإضافة إلى هؤلاء نفذ حكم الإعدام يوم 27 غشت 1974 في حق 7 آخرين.

إعدام البهائيين

من المعدومين في بداية عهد الملك الراحل الحسن الثاني بعض المغاربة الذين اعتنقوا البهائية وحاولوا الترويج لها في المغرب، في فجر الستينيات بشمال المملكة.
عندما اهتمت الصحافة المستقلة بإشكالية التنصير وحرية الاعتقاد، تطرقت بعض الجرائد الصادرة بالعربية والفرنسية إلى وجود مغاربة يعتنقون البهائية (البهائيون المغاربة). كما أن التقرير الأمريكي السنوي وقتئذ أشار إلى وجود ما بين 400 و800 من المغاربة يعتنقون البهائية، من ضمنهم أطر بنكية ورجال تعليم ومهنيون تمركز أغلبهم بين مدينتي الرباط والدار البيضاء. لكن هل ظاهرة البهائيين بالمغرب ظاهرة جديدة أم قديمة؟
بدءا يمكن القول إنها ظاهرة ليست بالجديدة بالمغرب، إذ سبق أن عرفتها بلادنا منذ السنة الأولى لاعتلاء الملك الراحل الحسن الثاني عرش البلاد خلفا لوالده الراحل الملك محمد الخامس في فجر الستينيات، وقد سبق لمدينة الناظور أن عرفت محاكمة مجموعة من البهائيين المغاربة حوكم بعضهم بالإعدام، إذن سمع المغاربة الحديث لأول مرة عن وجود بهائيين بين ظهرانيهم سنة 1962، وكان ذلك بالشمال، لاسيما بمدينة الناظور وضواحيها، آنذاك وردت البهائية من إيران.
في تلك السنة احتضنت مدينة الناظور محاكمة 13 شابا مغربيا من المدينة ومن الشمال وسوريا كان يشغل منصب مدير تعاونية الصناعة التقليدية بمدينة فاس، وقد اتهموا بإثارة القلاقل والمس بالنظام العام، وفي نهاية المطاف حكمت المحكمة على 3 منهم بالإعدام و5 بالمؤبد مع الأشغال الشاقة ومنهم من حوكم 15 سنة سجنا نافذا.
خلال المحاكمة نشر علال الفاسي، وزير الشؤون الإسلامية آنذاك، مقالا بجريدة "الاستقلال" ذهب فيه إلى القول أن البهائيين المغاربة ربطوا علاقة مع إسرائيل بهدف تقويض أسس الدولة المغربية. في حين تساءلت جريدة "المنار" –"لي فار" التي كانت تصدر بالفرنسية والتي أسسها أحمد رضا كديرة وزير الداخلية آنذاك- عن المرتكزات القانونية لمتابعة البهائيين، باعتبار أنه لا وجود لنص قانوني يقر بعقوبة الإعدام بخصوص المس بالدين الإسلامي، كما أبرزت أن البند السادس من الدستور المغربي كان يقر آنذاك بحرية الاعتقاد، وبعد يومين من صدور مقال جريدة "المنار"، كان رد الملك الراحل الحسن الثاني خلال حديث صحفي أجراه يوم 12 دجنبر 1962، أقر فيه أن مضمون البند السادس من الدستور لا يسمح، بأي حال من الأحوال، التبشير بمذاهب وديانات مخالفة للإسلام، كما أنه لا يفيد بقبول البهائية التي تعتبر زندقة في نظر الإسلام.

كولونيل أنقذه أمر الملك من الإعدام

إن الصدفة وحدها هي التي أنقذت الكولونيل عبد الله المنصوري من الموت حكما بالإعدام، كما حصل مع زملائه. يوما واحدا قبل تنفيذ انقلاب الصخيرات توجه، في مهمة عسكرية، إلى مدينة الناظور، وخلفه بمكتبه الكوماندان بن ابراهيم. وفي اليوم التالي، اتصل الجنرال بوكرين بمقر القيادة العسكرية بفاس وطلب حضوره العاجل إلى الصخيرات، إلا أن الناظور كانت تعيش، في تلك الفترة، وباء الكوليرا، فمنعه الدرك الملكي من مغادرة المدينة بأوامر من الملك الراحل الحسن الثاني . عاد المنصوري إلى الناظور، وفي صبيحة اليوم الموالي للمنع ، تمكن الكولونيل المنصوري من الحصول من عامل الإقليم على رخصة مرور للتوجه إلى مدينة فاس، ومن ثمة الالتحاق بالجنرال بوكرين في الصخيرات، لكن ما إن وصل إلى فاس حتى اتصل به عاملها بنشمسي، وأخبره بما حصل في الصخيرات، وفي مساء ذات اليوم، علم المنصوري بخبر إعدام الجنرال بوكرين ومساعده الكوماندان بن إبراهيم النائب عنه خلال غيابه، إذ كان من المفروض يكون في مكانه لو لم ينقذه الأمر الملكي بمغادرة مدينة الناطور.
كان الكولونيل عبد الله المنصوري يشرف على امتحانات التخرج لمئات الضباط، كما عمل رئيسا للأركان في المنطقة العسكرية بفاس، التي كانت أهم المناطق العسكرية الست بالنظر إلى قربها من الحدود الجزائرية، تحت إمرة الجنرال بوكرين، الذي أعدم ساعات قليلة بعد فشل انقلاب الصخيرات في مكناس، بعدما كان متوجها بالطائرة نحو زملائه في الصخيرات وأرغم الجنرال أوفقير ربانها على العودة إلى مكناس وانتظار الأوامر العسكرية. علما أن الإعداد لانقلاب غشت 1971 بدأ بمقر القيادة العسكرية العامة بفاس، حيث كان يلتقي الجنرالات الثلاثة، بوكرين ومذبوح ومصطفى. ففي تلك الفترة، تم تعيين الجنرال مصطفى من قبل الجنرال مذبوح، مدير الديوان العسكري للحسن الثاني، مسؤولا عن المدارس العسكرية التي يتم فيها تكوين الضباط الجدد.

طريقة تنفيذ الحكم بالإعدام

بعد صدور حكم الإعدام واستكمال المسطرة القضائية في موضوع المحاكمة، توجه النيابة العامة لدى المحكمة، التي أصدرت الحكم، إخبارا إلى وزير العدل، عن طريق مديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، ويجب على النيابة العامة أن تهيء تلقائيا طلبا للعفو دون أن يعني ذلك أن تلتمس النيابة العامة في مستنتجاتها قبول طلب العفو، لأن الهدف من الطلب هو عرض العقوبة على لجنة العفو ليتخذ فيها ملك البلاد قراره، حتى ولو لم يطلب ذلك المحكوم عليه أو عائلته.
كما ينص القانون على أن تدعو النيابة العامة دفاع المحكوم عليه بالإعدام إلى إيداع مذكرة لتدعيم طلب العفو، إذ لا يمكن تنفيذ الحكم إلا بعد أن يرفض طلب العفو، والذي لا يبلغ إلا لمحامي المحكوم عليه، الذي قدمه باسم موكله. ولأسباب إنسانية، لا يبلغ الرفض للمحكوم عليه. 
يصدر أمر التنفيذ عن وزير العدل بعد طلب للوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف، ويبقى مكان التنفيذ سريا، وذلك طبقا للفصل 19 من القانون الجنائي، الذي ينص على أن عقوبة الإعدام تنفذ رميا بالرصاص، وذلك بأمر من وزير العدل، وبسعي من رئيس النيابة العامة بمحكمة الاستئناف، ويقع التنفيذ داخل السجن الذي يقضي المحكوم عليه به عقوبته، أو في أي مكان آخر يعينه وزير العدل، وذلك بحضور رئيس المحكمة، وعضو من النيابة العامة، وأحد قضاة التحقيق، وأحد كتاب الضبط بمحكمة المكان الذي يقع به مكان التنفيذ.
تتكلف فرقة من الجنود تحت إمرة ضابط بإطلاق النار، وتتحدث بعض الروايات عن إجراء عسكري متعارَف عليه في بعض الدول ويتم تطبيقه في المغرب، وهو أن أحد الرماة المكلَّفين بتنفيذ عقوبة الإعدام لا يُحشى سلاحه برصاص حي، دون علمه بذلك، حتى يعتقد كل واحد منهم بإمكانية عدم مسؤوليته عن هذا القتل "الشرعي" و"القانوني".
ويحضر أيضا إلى جانب المحكوم عليه مدير السجن ورجال الأمن الوطني وطبيب السجن وإمام وعدلان، ولا يسمح للصحافة أن تنشر أي بيان أو مستند يتعلق بالتنفيذ عدا المحضر المذكور، وإلا تعرض المخالف لغرامة.
في جميع الأحوال، تنفذ عقوبة الإعدام رميا بالرصاص بأمر من وزير العدل، وبمبادرة من الوكيل العام للملك، الذي يلتمس من السلطات العسكرية إنجاز هذا الإجراء.
كما يلزم القانون كل الأشخاص المذكورين على سبيل الحصر أن يحضروا تنفيذ الحكم بالإعدام، ولا يمكن أن يحضره سواهم.
ولا يكون التنفيذ عموميا، كما هو الحال في العديد من البلدان، وإنما يكون داخل المؤسسة، التي كان المحكوم عليه مسجونا بها أو في أي مكان آخر يحدده وزير العدل، والذي غالبا ما يكون أحد ميادين الرماية التي توجد تحت إمرة القوات الملكية المسلحة. علما أنه ظل تفضيل ميادين الرماية على المؤسسات السجنية.

فضاء إيقاع الموت بالقانون

جرى تنفيذ عدد من أحكام الإعدام بالمغرب في مكان بغابة المهدية، قرب مدينة القنيطرة، حيث يوجد السجن المركزي، مكان اعتقال المحكومين بالإعدام.
إلا أن الفصل 20 من القانون الجنائي يخول لوزير العدل اتخاذ قرار لتنفيذ حكم الإعدام في مكان عام عند الاقتضاء، وذلك بهدف ردعي أو"تربوي"، إذا جاز القول، من باب العبرة لمن تسول لهم أنفسهم اقتراف بعض الجرائم، إلا أنه لم يسبق أن طبق هذا النص في المغرب، إذ نفذت كل الأحكام بطريقة سرية، حسب الإجراءات السالفة الذكر.
يقرّ القانون بإيداع المحكومين عليهم بالإعدام بمؤسسات سجنية تتوفر على حي معد لهذه الفئة من المعتقلين بمجرد النطق بالحكم، كما أخضعهم لنظام للاعتقال الانفرادي حسب الإمكان، مع التنصيص على ضرورة إيلاء هذه الفئة من المحكوم عليهم عناية خاصة تمكن من دراسة شخصيتهم وتتبع حالتهم النفسية والحفاظ على توازنهم لتفادي كل محاولة هروب أو انتحار أو إضرار بالغير. كما سمح لهم بمزاولة بعض الأشغال بعد استشارة الطبيب والمشرف الاجتماعي. وكذا الاستفادة من زيارة أفراد عائلتهم، وأوليائهم وأصهارهم والاتصال بدفاعهم بحرية في قاعة معدة لهذه الغاية.

حالة خاصة
توجد حالات استثنائية في تنفيذ حكم الإعدام، مثل حالتي المرأة الحامل والمريض. بالنسبة للمرأة الحامل يؤجل تنفيذ الإعدام في حقها إلى حين وضع حملها بأربعين يوما على الأقل، لكن في واقع الأمر، ولأسباب إنسانية، لا تمثل المرأة الحامل أمام غرفة الجنايات إلا بعد الوضع .
أما في حالة المرض يوجب القانون معالجة المحكوم عليه قبل تنفيذ العقوبة. بعد التنفيذ، تسلم جثة المحكوم عليه لعائلته في حال ما إذا طلبت ذلك، إلا أن القانون فرض عليها الالتزام بدفنه في غير علانية، وإن كان القانون لا يمنع إلا مظاهر الاحتفال بالدفن والمظاهرات العمومية، فإذا كان متوقعا حدوث مثل هذه الحالات، يمكن للسلطة العامة أن تمنع تسليم جثمان المحكوم عليه إلى أهله، وأن تتولى عملية الدفن. 
ويقرّ القانون الجنائي بتعليق على باب السجن أو بباب بلدية مكان التنفيذ إذا وقع ذلك خارج المؤسسة السجنية، محضر يحرر إجبارا وفورا من طرف كاتب الضبط بشأن التنفيذ، ويوقع المحضر رئيس الغرفة الجنائية أو من ينوب عنه، وأيضا بحضور ممثل النيابة العامة وكاتب الضبط. ولا تتجاوز مدة تعليق المحضر المحرر حول التنفيذ أربعا وعشرين ساعة. كما يمنع القانون نشر أي وثيقة أو أي بيانات تتعلق بتنفيذ حكم الإعدام.
وعموما إن التشريع الجنائي المغربي ما يزال محتفظا بعقوبة الإعدام، وينهج قضائيا سياسة التقليص والحد من الحكم بها وتنفيذها، كما أن العفو الملكي يلعب دورا هاما في إعادة التوازن للسياسة العقابية، بشكل يمكن أن يستنتج معه أن التطور يسير نحو الإلغاء الواقعي لهذه العقوبة، بالحد التدريجي منها، وتجديد العقوبة الصادرة بها بعدما احتد سؤال الإلغاء التشريعي لهذه العقوبة، في ظل الظرفية الدولية الحالية، على خلفية تنامي جرائم الإرهاب، وارتفاع وثيرة الجريمة المنظمة.
إحصائيات
هناك الآن ما يناهز 117 محكوم بالإعدام ضمنهم 3 نساء نزيلات بسجون الصويرة ووجدة والناظور. 80 بالمائة منها تتعلق بجرائم القتل العمد، والباقي صدر في نطاق ما يُسمى بقانون الإرهاب. وأعلبهم يوجدون بالسجن المركزي بالقنيطرة. في حين يناهز عدد السجناء المحكومين بالمؤبد 700 منهم 32 إمرأة.
وخلال سنة 2012 تم النطق بــ 10 حكم بالإعدام، علما أن معدل إصدار حكم بهذه العقوبة لم يكن يتجاوز الحكمين أو الــ 3 في السنة منذ 1994. 
وتفيد المعطيات المتوفرة أن عدد المحكوم عليهم بالإعدام في المغرب بلغ ما بين سنة 1973 وإلى نهاية سنة 2007 ما مجموعه 133 حالة، ولم يشمل التنفيذ إلا حالتين كان آخرها سنة 1993، وتشير إحصائيات وزارة العدل إلى أن مجموع عدد الحالات التي حكم فيها بالإعدام انتقل من 146 حالة سنة 2004 إلى 125 حالة في دجنبر 2007.
عرف المغرب منذ الاستقلال 41 عملية تنفيذ عقوبة الإعدام، منها 3 همّت مجرمي الحق العام مدنيين، وهم:
- الكومسير ثابت سنة 1993
- المجرمان الخطيران متوكل وبوشعيب وحشا الدار البيضاء سنة 1982 .
وهناك 49 جريمة منصوص عليها في القانون الجنائي و16 جريمة في مدونة القضاء العسكري تستوجب عقوبة الإعدام بالمغرب، والنقاش مازال جاريا لتقليصها إلى 10 فقط عوض 65 فعل جرمي.
إن مناهضي هذه العقوبة والمنادين بإلغائها يعتمدون أكثر من خطة، زمنها المطالبة بتوقيع المغرب على بروتوكول روما القاضي بإحداث محكمة العدل الدولية التي ألغت من قاموس عقوباتها عقوبة الإعدام حتى بالنسبة للجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب أو جرائم التصفية العرقية.
ومن المفارقات الغريبة أن البلدان التي ظلت تطبق عقوبة الإعدام – خلافا لما قد يتبادر للذهن- تعرف نسبة أكبر من الجرائم مقارنة مع البلدان التي ألغتها، ولعل أبرز مثال حالة كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين وإيران. 



هكذا يتم تنفيذ حكم الإعدام في بلدان أخرى

حسب دراسة سبق لمنظمة العفو الدولية أن أعدتها بخصوص طرق تنفيذ العقوبة القصوى، الإعدام، توجد هناك سبع طرق رئيسية للإعدام في العالم:
1- الرمي بالرصاص: وهي الأكثر استخداماً في فترات الحروب، وتطبَّق على العسكريين خاصة، وهذا الأسلوب يطبق في بعض الدول مثل المغرب والصين وكوريا الشمالية وتايلاند وإندونيسيا وأرمينيا والفيتنام..
2- الشنق: أكثر الوسائل استخداماً في العالم، كما هو الشأن في إيران وكوريا الشمالية وسنغافورة والهند وباكستان وليبيا ومصر وسوريا..
3- الحقنة المميتة: تتم هذه العملية من خلال الحقن بمادة سامة في الوريد تؤدي إلى الموت السريع، وهي تقنية تُستخدَم في الصين والفلبين والولايات المتحدة الأمريكية.
4- الرجم: وهو أسلوب يطبَّق في الدول العاملة بالشريعة الإسلامية، وخاصة في جرائم الزنا والعلاقات الجنسية خارج الإطار الشرعي . وقد جاء في قانون الجنايات في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بخصوص هذه العقوبة، بأنه "على الحجارة ألا تكون كبيرة بحيث يموت المحكوم عليه من الضربة الأولى أو الثانية، ولا صغيرة بحيث لا يصحُّ أن تسمى حجارة".
5- ضرب العنق: وهـو الأكـــثر استخـــداماً في الدول العاملة بالـــشريعة الإسلامية، وخاصة في المملكة العربيــة السعودية وبعض مــــقاطـــعات نيجيريا. وحســـب شهـــادة لــسيَّاف سعـــودي يـــدعى سعــيد بن عبد الله بـن مبروك البيشي قال بهذا الخصوص: "أســتخدم الســـيف في قـــتل المجرمين من الرجال، والأسلحة النارية، وبالـــذات المـــسدس، في قــتل النسـاء المجــرمات.. وهذا في نظـــري حكم ســـديد، من دواعـــيه ستر عـــورة المرأة، باعـــتبار أن القـــتل بحــدِّ السيف يســـتدعي رفع الغــطاء عن الرأس وإظهار الرقــبة وجزءاً من الظهر دون غــطاء".
6- 7 - غرفة الغاز والكرسي الكهربائي: وتطبَّق هاتان الطريقتان في الولايات المتحدة الأمريكية.

الاثنين، 28 أغسطس 2017

زيارة إلى منزل الام حبيبة أم المختطف عبد اللطيف سالم

المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف البيضاء في 28غشت 2017
لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي
المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغرب
إعلان عن تنظيم زيارة إلى منزل أمنا حبيبة أم المختطف عبد اللطيف سالم الذي لا زال مصيره مجهولا بمناسبة اليوم العالمي لحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري الذي يصادف 30 غشت من كل سنة يوم الاربعاء 30 غشت على الساعة الخامسة مساء بمقر منزلها الكائن بالبرنوصي الدار البيضاء بلوك 5 وقم 25.
في 30 غشت من كل سنة يخلد المنتظم الدولي " اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري " ، حيث لم يكشف عن مصير الآلاف من حالات الاختفاء القسري و تسجل سنويا اختفاءات جديدة عبر العالم.
ففي المغرب – مع الأسف الشديد – رغم التقدم النسبي الحاصل في مجال تسوية إرث سنوات الجمر و الرصاص ، لا تزال العشرات من العائلات ، و منذ مدة طويلة ، تنتظر الكشف عن مصير ذويها، كما سجلت حالات جديدة للاختفاء.
وبالمناسبة تعلن لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغرب و مكتب فرع الجمعية المغربية لحوق الانسان فرع البرنوصي و مكتب المنتدى المغربي من احل الحقيقة و الانصاف فرع الدار البيضاء عن تنظيم زيارة إلى منزل أمتا حبيبة أم المختطف عبد اللطيف سالم الذي لا زال مصيره مجهولا بمناسبة اليوم العالمي لحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري الذي يصادف 30 غشت من كل سنة و ذلك يوم الاربعاء 30 غشت على الساعة الخامسة مساء بمقر منزلها الكائن بالبرنوصي الدار البيضاء بلوك 5 وقم 25.
و لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير و ضحايا الاختفاء القسري بالمغرب إذ تحتفي بهذا اليوم العالمي فإنها تعبر عن مساندتها المطلقة لعائلات المختفين عبر العالم و تذكر بمطالبها الأساسية :
أ- الكشف عن مصيرجميع المختطفين مجهولي المصيرمع نشر اللوائح الكاملة لضحايا الاختفاء القسري و تضمينها كل المعلومات الأساسية : ( هوية المختفي – تاريخ و مكان اختطافه – أماكن احتجازه – تاريخ و مكان الوفاة عند حدوثها – تحديد المؤسسات و الأجهزة المسؤولة عن الاختطاف والاحتجاز .... ).
ب- الكشف عن الحقيقة الكاملة لجميع حالات الاختفاء القسري بالمغرب بما فيها حالة الوفيات تحت التعذيب في مراكز الاستنطاق و أماكن الاحتجاز و الاعتقال ، وكل الحيثيات السياسية والأمنية التي أدت إلى هذه الجرائم وتوضيح جميع ملابساتها.
د- الحفاظ الايجابي على ذاكرة الاختفاء القسري من خلال الحفاظ على مراكز الاعتقال و المدافن الفردية و الجماعية ، وتحويلها إلى متاحف.
إن لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير و ضحايا الاختفاء القسري تجدد نداءها لكل القوى الحية بالبلاد للتعبئة من أجل معرفة الحقيقة الكاملة و تحقيق الإنصاف و العدالة .
و دمتم للنضال أوفياْء
لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغرب
*************
 عائلة المختطف عبد اللطيف سالم

أمه السيدة حبيبة الحكماوي
للإتصال : أخوه موسى سالم
الهاتف : 0663859967

الحقيقة لا تتجزأ

لقد أصدر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان,في موقعه الإلكتروني يوم 14 يناير 2010,تقريره حول حصيلة متابعة التوصيات الواردة في التقرير الختامي لهيئة الإنصاف و المصالحة(نونبر 2005) و الذي أوصت فيه باستكمال التحريات للكشف عن الحقيقة حول مجهولي المصير...
و جاء في تقرير المجلس أن هيئة المتابعة المكلفة من طرفه قد أجرت تحرياتها في الموضوع، و حللت المعطيات المقدمة لها من طرف السلطات المعنية بملف الاختفاء القسري,و قدمت للرأي العام نتائجها .
إننا تحن عائلة سالم عبد اللطيف، وأمام النتائج التي حملها هذا التقرير،وبعد قراءته نسجل باستغراب,أنه لم يضف جديدا للنتائج التي سبق لهيئة الإنصاف و المصالحة أن أعلنت عنها في نونبر2005و قد عبرنا آنذاك عن عدم رضانا عنها.
وبالتالي فإننا نذكرمن جهة أن اسم ابننا كان قد أدرج ضمن لائحة 112الصادرة بتاريخ 13 أكتوبر 1998 عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ،مما أكد اعتراف الدولة المغربية الصريح باختطافه . وصنف حينها ضمن لائحة مجهولي المصير.
ومن جهة أخرى,يتأكد من خلال هذا التقرير- مرة أخرى- أن اسم سالم عبد اللطيف كان موجودا بين الحالات 66 التي لم تتوصل فيها هيئة الإنصاف و المصالحة إلى نتائج .تلك اللائحة التي كان يحيط بها الغموض و اللبس منذ 2005, و لم يجرؤ أحد على الكشف عن أسماء أصحابها منذ ذلك الحين.
بعد كل هذا ,تأتي لجنة المتابعة –على لسان رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان - لتزف لنا و للرأي العام بشرى غريبة:لقد أعلن السيد حرزني – بفخر و اعتزاز-في ندوته الصحافية حول مصير الحالات 66 المتعلقة بالاختفاء القسري . "أنه بقيت هناك تسع حالات فقط لم تتوصل اللجنة الى الحقيقة بشأنها كما قال، و أنها جد معقدة. و أن الباقي تم كشف الحقيقة بشأنه.
فأية حقيقة تلك التي تعلنون أنكم قد توصلتم إليها وبهذا الاعتزاز !!!!!!؟؟؟؟؟؟
إن عليكم أن تعلموا أن الحقيقة حول الاختفاء القسري لم تعد تخص الضحايا و عائلاتهم والمجتمع برمته فقط, بل إن الكشف عن مجهولي المصير مسألة تهم الرأي العام المغربي والدولي ، وإن هؤلاء بصفتهم هيآت غير حكومية هم الذين يستطيعون تقييم مستوى النتائج التي أعلنتم عنها ، ومصداقية الحقائق التي تضمنها تقريركم .
إننا نريد الحقيقة الكاملة حول مصير إبننا سالم عبد اللطيف،فهل تعتبرون مجرد نشر إسمه ضمن لائحة المتوفين أثناء الإحتجاز حقيقة ؟؟؟! ، هل هذه هي الحقيقة التي انتظرناها كل هذه العقود ؟؟؟! ، إن هذه الحقيقة المزعومة لم تكشف :
- متى وكيف وأين اختطف ، ومن هم المسؤولون عن اختطافه ،وماهو إسم المكان الذي ظل فيه إبننا مختطفا أكثر من عشرين سنة دون تهمة ودون محاكمة ، ونفي جميع السلطات قضائية وأمنية علمها بمصيره، وتأتون اليوم ببرودة دم وتقولون أنه مات أثناء الإحتجاز ، فأين هوقبره؟وأين هو رفاته ؟ وماهي الظروف والملابسات التي فارق فيها الحياة ؟.
من حقنا ومن حق الرأي العام أن نعرف كل هذا وأكثر ، إن الأمر يتعلق بروح بشرية ، والمسؤولية تستدعي منكم ذلك.
- فبالنسبة لنا ما زال مصير إبننا مجهولا ، ونحن على قناعة تامة بأنه لم يتم تحقيق جدي في قضيته لا من طرف هيئة الإنصاف والمصالحة ، ولامن طرف المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان، هذا الأخير الذي يتحدث عن التعاون مع العائلات ، لم يسبق له أن استدعى عائلتنا .
وأخيرا فإننا نتوجه بنداء إلى منظمات حقوق الإنسان المغربية والدولية من أجل تحركها العاجل لحمل الدولة المغربية بالكشف عن مصير إبننا وعن كافة المختطفين مجهولي المصير ببلادنا ، ووضع حد للمعاناة المستمرة للعائلات أمهات وآباء وزوجات وأبناء وإخوان وأخوات...
عن عائلة المختطف عبد اللطيف سالم
أمه السيدة حبيبة الحكماوي
 في الوقت الذي لوح فيه الرئيس الجديد ل«المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف» بخوض معركة لدفع الرئيس الحالي للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان احمد حرزني إلى الكشف عن المعطيات التي أمده بها جهاز الدرك الملكي والمتعلقة بمصير المختطفين مجهولي المصير، كشف مصدر مأذون بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أن المعلومات التي كشف عنها الدرك الملكي والخاصة بمجهولي المصير هي معلومات مرتبطة ب66 حالة لم تتوصل فيها هيئة الإنصاف والمصالحة إلى نتائج، وهي اللائحة التي كان يحيط بها الغموض واللبس منذ 2005. وأكد المصدر ذاته أن المعلومات التي تقدم بها الدرك الملكي بخصوص هذه الحالات أكدت وفاة مجموعة من الأسماء التي تضمنها تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة.
وكشف المصدر ذاته أن المجلس بصدد إصدار ملحق يتضمن لائحة تتضمن ما يزيد على 1000 اسم مصنفة في عداد مجهولي المصير، تمت معالجتها من لدن لجنة المتابعة، كما سيصدر المجلس ملحقا آخر يتضمن لائحة كاملة بأسماء الضحايا الذين تسلموا تعويضاتهم، سواء من قبل هيئة الإنصاف والمصالحة أو اللجنة المستقلة للتحكيم. وخلف التقرير الأخير الذي أصدره المجلس الخاص بتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة موجة ردود فعل غاضبة وسط عائلات مجهولي المصير التي أقدمت على نشر بلاغات تفند فيها ما ورد في تقرير حرزني.
وعبرت عائلة المختطف مجهول المصير سالم عبد اللطيف عن استغرابها النتائج التي حملها هذا التقرير، مشيرة إلى أنه لم يضف جديدا إلى النتائج التي سبق لهيئة الإنصاف والمصالحة أن أعلنت عنها في نونبر 2005، حيث عبرت العائلة آنذاك عن عدم رضاها عنها. وتشير العائلة، في بلاغ تم تعميمه على نطاق واسع وتوصلت «المساء» بنسخة منه، إلى أن اسم ابنها كان قد أدرج ضمن لائحة ال112 الصادرة بتاريخ 13 أكتوبر 1998 عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، مما أكد اعتراف الدولة المغربية الصريح باختطافه، وضُمن اسمه حينها في لائحة مجهولي المصير. ويتأكد من خلال هذا التقرير -تضيف العائلة- أن اسم سالم عبد اللطيف كان موجودا بين الحالات ال66 التي لم تتوصل فيها هيئة الإنصاف والمصالحة إلى نتائج.. تلك اللائحة التي كان يحيط بها الغموض واللبس منذ 2005، ولم يجرؤ أحد على الكشف عن أسماء أصحابها منذ ذلك الحين. وتشير العائلة إلى أن الحقيقة حول الاختفاء القسري لم تعد تخص الضحايا وعائلاتهم والمجتمع برمته فقط، بل إن الكشف عن مجهولي المصير مسألة تهم الرأيين العامين المغربي والدولي، وأن هؤلاء، بصفتهم هيئات غير حكومية، هم الذين يستطيعون تقييم مستوى النتائج المعلن عنها. وتتساءل العائلة عن زمان ومكان اختطاف ابنها وعن المسؤولين عن اختطافه والمكان الذي ظل فيه محتجزا إلى حين وفاته وعن مكان دفنه وعن رفاته.
















الجمعة، 25 أغسطس 2017

بيان لعائلة الشهيد الدريدي بمناسبة الذكرى 33 لاستشهاد المناضلين م. بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري

بيان لعائلة الشهيد الدريدي
بمناسبة الذكرى 33 لاستشهاد المناضلين م. بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري
في 27 غشت 1984 استشهد ابننا م. بوبكر الدريدي وفي اليوم الموالي 28 غشت 1984 استشهد رفيقه مصطفى بلهواري ضمن مجموعة مراكش للمعتقلين السياسيين الذين زج بهم في السجون إثر حملة الاعتقالات الواسعة التي أعقبت الانتفاضة الشعبية المجيدة ليناير 1984، التي انطلقت من مراكش وامتدت إلى عدة مناطق بالمغرب، خاصة مدن الشمال ومناطق الريف.
وإذ نحيي هذه الذكرى الأليمة والمفخرة في ذات الوقت، وصونا للذاكرة، لابد من استحضار الأجواء القمعية وحملات الانتقام التي باشرها النظام ضد الجماهير الشعبية المنتفضة وضد الحركات والتنظيمات المناضلة، من خلال المحاكمات الصورية وفرض حالة الاستثناء غير المعلنة، بغاية تجفيف مختلف منابع النضال سواء داخل الجامعة والمؤسسات التعليمية أو مختلف الفضاءات الثقافية والأحياء الشعبية؛ وهي الفضاءات التي كانت حاضنة لنضال الشهيدين ورفاقهما ضمن مختلف مكونات الحركة التقدمية.
لقد انطلق الشهيدين ورفاقهما في إضراب لا محدود عن الطعام بداية شهر يوليوز 1984، دفاعا عن حقوقهم وعن إنسانيتهم، وكذلك تحديا ووقوفا في وجه آلة النظام السجنية؛ وكان سقوطهما شهداء إفشال لمحاولات التطويع التي استهدفتهم ورفاقهم، وتحطيم لأسطورة جبروت النظام، وانتصار لعزيمة لا تلين أمام استبداد المخزن؛ وهو ما استمر على تأكيده من بعدهم، رفاقهم وكافة المعتقلين السياسيين التقدميين، من خلال مختلف ما خاضوه من معارك نضالية في أقسى الظروف السجنية، التي كانت محط تنديد واستنكار على المستويين الوطني والدولي.
وفي الأخير، ونحن نقف إجلال وإكبارا لروح الشهيدين، وعرفانا لتضحياتهم وعطاءاتهم، واسترشادا بدرس الصمود الكبير والتحدي المنقطع النظير الذي تركوه للأجيال المناضلة القادمة، لا يفوتنا في هذه الذكرى المجيدة، إلا أن نستحضر نضالات وتضحيات عائلات المعتقلين السياسيين والمختطفين والمنفيين والشهداء في الماضي كما في الحاضر، وفي مقدمتهم أمنا السعدية الدريدي أم الشهداء والمعتقلين، ونوجه لهم جميعهم بهذه المناسبة، وإلى القوى الحقوقية وعموم القوى السياسية والاجتماعية الديمقراطية المناضلة، نداء حارا بهدف توحيد الصفوف وتقويتها لمواجهة القمع السياسي، ولدعم المعتقلين السياسيين وتطوير النضال الوحدوي من أجل إطلاق سراحهم، ومن أجل الغايات النبيلة الكبرى التي استرخص الشهداء حياتهم من أجلها؛ وفي مقدمة ذلك تشييد مجتمع الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة، وبناء نظام ديمقراطي ببلادنا.
عن عائلة الشهيد الدريدي
في 25 غشت 2017
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
Déclaration de la famille du martyr DOURAIDI
A l’occasion du 33ieme anniversaire des martyrs
My Boubker DOURAIDI et Mustapha BELHOUARI
°°°°°°°°°°°°°°°°°
Le 27 août 1984 et son lendemain 28 août 1984, nos fils My Boubker DOURAIDI et son camarade Mustapha BELHOUARI ont été martyrisés, respectivement, parmi le groupe de détenus politique de Marrakech, incarcérés suite aux arrestations massives qui ont suivi le glorieux soulèvement populaire de janvier 1984, déclenché à Marrakech puis étendu à plusieurs localités du Maroc, en particulier au nord et aux régions du Rif.
Nous commémorons annuellement cet anniversaire douloureux, avec grande fierté, pour sauvegarder notre mémoire collective. En effet, il nous paraît important de garder en mémoire le climat de répression et les compagnes de vengeances qui ont étaient menées par le régime contre les masses populaires révoltées et à l’encontre des mouvements et organisations militantes. Ceci s’est traduit par des procès formels et l’instauration, non déclarée, de l’état d’exception, afin d’exterminer toutes sortes de militantisme dans les universités, les institutions scolaires, les espaces culturels et dans tous les quartiers populaires qui étaient un incubateur de la lutte des martyrs et leurs camarades au sein du mouvement progressiste.
Et c’est en défense de leurs droits et leur dignité que nos martyrs et leurs camarades ont lancé une grève de la faim illimité le début de juillet 1984, défiant la machine pénitentiaire du régime. Leur martyr était une mise à l’échec des tentatives d’apprivoisement menées par le régime contre eux et leurs camarades, une destruction du mythe de la puissance du système et un triomphe de leur détermination inébranlable contre la tyrannie du makhzen. Et c’est ce qui a été continuellement confirmé, après eux, par leurs camarades et tous les détenus politiques progressistes à travers les divers batailles qu’ils ont entamé dans les plus dures conditions de détention.
En hommage à l’esprit des martyrs, en reconnaissance de leurs sacrifices, et guidé par la leçon de grande détermination exceptionnel qu’ils ont laissé aux générations futurs, il est important également de considérer avec gratitude les luttes et les sacrifices des familles des prisonniers politiques, des disparus, des exilés et des martyrs du passé comme du présent, et en premier lieu notre mère SAADIA DOURAIDI, mère courage, mère des martyrs et des détenus. Nous adressons, à cette occasion, un appel fort aux organisations des droits humains et aux forces politiques et sociales, démocrates et progressistes, afin d’unir les rangs et de développer la lutte unitaire afin de libérer tous les détenus politiques. Notre appel aux organisations porte également sur le renforcement de nos luttes face à la répression et pour les grands et nobles objectifs pour lesquels les martyrs ont offerts leurs vie; et en premier lieu la construction d’une société de liberté, de dignité, de justice sociale et d’égalité ainsi que l’instauration d’un système démocratique dans notre pays.
LA FAMILLE DOURAIDI
LE 25 AOUT 2017