المتابعون

الثلاثاء، 5 يناير 2016

الشهيدة سعيدة المنبهي : "سأموت مناضلة... تذكروني بفرح"

الشهيدة سعيدة المنبهي : "سأموت مناضلة... تذكروني بفرح"
أبو هشام (نشر بالعدد 207 من جريدة النهج الديمقراطي)
....................
ارتبط اسم الشهيدة سعيدة المنبهي باسم الحركة الماركسية اللينينية المغربية وباتت رمزا من رموز الصمود والمقاومة لحركة يافعة أمام شراسة القمع ووحشية التعذيب الذي مارسته سلطة سياسية ضد مناضلين ومناضلات جريرتهم الوحيدة أن النظام ضبطهم متلبسين بجريمة الحلم بوطن تسع أحلامه وخيراته العامل والفلاح والمهمشين، وتنتفي فيه العبودية والاستغلال
اختطفت سعيدة المنبهي يوم 16 يناير 1976، في إطار موجة الاعتقالات التي طالت الحركة الماركسية اللينينية المغربية بداية السبعينات، برافديها فصيلي : إلى الأمام و23 مارس، وذاقت كباقي مناضلات ومناضلي الحركة شتى ألوان التعذيب والتنكيل في معتقلات النظام المغربي، حيث قضت سعيدة بعد اختطافها ثلاثة أشهر في درب مولاي الشريف، وما أدراك ما وحشية جلادي درب مولاي الشريف، ثم نقلت في مارس إلى السجن المدني بالدار البيضاء، وفي محاكمة يناير/مارس 1977 ل138 من مناضلي وقياديي إلى الأمام، حوكمت سعيدة بخمس سنوات سجنا نافدة بحزمة تهم على خلفية المس بأمن الدولة، وفيما يشبه رد فعل المحكمة على جرأة سعيدة و إعلانها لمواقفها المناصرة للحرية ضد الاستبداد والاستغلال، أضافت المحكمة سنتين بتهمة إهانة القضاء.
ومن داخل السجون طالب مناضلو ومناضلات الحركة بالحق في التعامل معهم كمعتقلين سياسيين، وخاضوا سلسلة إضرابات عن الطعام، ما كان لسعيدة إلا أن تنخرط فيها ورفيقاتها الثلاثة فاطمة عكاشة وربيعة الفتوح، ليطالبوا أيضا بفك العزلة التي فرضت عليهن وعلى الرفيق السرفاتي. ودخلت سعيدة ورفيقاتها عدة إضرابات جوع، انتهت أمام صم السجان لأدانه عن مطالب المعتقلين والمعتقلات إلى خوض سعيدة لإضراب لامحدود عن الطعام، دام 34 يوما فانهار معه جسد سعيدة ونقلت إلى مستشفى ابن رشد بالبيضاء، ولم ينل الجسد المنهار من عزيمة سعيدة ومعنويات الوفاء والصمود فيها، فقد همست لأمها التي زارتها ورأتها بمشقة في المستشفى : "تشجعي، إنني لن أتنازل عن إيماني بقضيتي"، وبدل إنصات السجان إلى مطلب المعتقلين إدا بالأوامر تمنع عنها الماء والسكر بالمستشفى، المقصلة التي أتت على حياة سعيدة بعد إضراب عن الطعام 40 يوما، لتدخل سعيدة قائمة شهداء الحركة الماركسية اللينينة الدين استرخصوا أرواحهم فداء لقضية التغيير من أجل الغد.
ولدت الشهيدة سعيدة في أحد أيام شتنبر من سنة 1952 بمدينة مراكش، ثم التحقت بعد حصولها على الباكالوريا بجامعة محمد الخامس –الرباط، بكلية الآداب شعبة الإنجليزية، وولجت بعد دلك المركز الجهوي التربوي وتخرجت منه أستاذة، ثم عينت أستاذة لمادة الفرنسية بإعدادية الخوارزمي بمدينة الرباط. في الجامعة انضمت إلى الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، الحلقة التي مرت منها للانضمام إلى الحركة الماركسية اللينينية الذي سيعرف ب إلى الأمام.
وفي السجن وفي إصرار متميز على تأريخ محنتها – حسب عبد اللطيف أللعبي - كتبت سعيدة قصائد شعرية بدمها السائل من أظافرها على جدران زنزانة اعتقالها و"أصبحت سعيدة شاعرة لأنها اكتشفت سر إنسانيتها وكفاحها كامرأة ومناضلة.. لأنها اكتشفت بهاء تجربتنا الإنسانية". كتبت سعيدة قبيل استشهادها بأيام " سأموت مناضلة " وقالت لرفاقها من خلا أمها "تذكروني بفرح" والفرح في قاموس شاعرة مناضلة لا معنى له إلا الثورة أو الإمساك بناصية الحلم وطريقه الموجعة. فمتى الحلم لتستيقظ ذكرى الشهداء ملتهبة ومزغردة..

* نشر بالعدد 207 من جريدة النهج الديمقراطي
 ..........................................................
 ارتعد الاصبعان...
لم يريدا مطاوعتها ليرفعا شارة رفعها الجميع من حولها.
احمرت منها الوجنتان...
نزعوا منها الارض واقاموا عليها مدنا اسمنتيا باعوها باغلى الاثمان.
تشردت هي والعائلة.
اقاموا خيمة بلاستيكية اصبحت هي المسكن وهي الوطن وهي العنوان.
حاولت مرة اخرى رسم شارة لاتعنيها شيئا الا ان هؤلاء الناس الذين كانت حناجرهم تصدح باغاني جميلة بكل قواهم كانت تلامس دواخلها المتحجرة .
رفعت عيناها التقت بصورة لشهيدة قالوا لها انها ماتت دفاعا عن الفقراء.
التقت العينان.
كانت الشهيدة تبتسم من وراء الزمن البعيد .
اتسعت الابتسامة اكثر احست انها تعانقها ترفع يدها بيدها.
رددتا الشعارات بصوت واحد
كانت شفتا الشهيدة تتحركان بالكلمات
رفعت القبضات والتقت الايدي.
لم تعرف كيف التقت يدها بيد احداهن ممن كانت قربها .
ورفعت علامة نصر لم تعد خجولة بل قوية كالاعاصير
كالرياح .
كالشلالات المتدفقة بالمياه الهادرة.
كانت سعيدة تبتسم فما زالت من وراء الجلاد الغبي تستقطب وتنظم وترفع الشعارات المدوية في وجه القمع والاستبداد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق