المتابعون

الخميس، 3 نوفمبر 2016

الشعب يريد: أين نحن؟...الرفيق عبدالله الحريف

الشعب يريد: أين نحن؟..


عبد الله الحريف

الاحتجاجات الشعبية الحالية تعبير متجدد على الطموح العميق لأبناء وبنات الشعب في التغيير
مرة أخرى يظهر واضحا أن ما يرعب المخزن هو تعبير الشعب المغربي بشكل وحدوي من خلال الوقفات والمسيرات في عشرات المدن عن احتجاجه وغضبه ضد الاستبداد والفساد والحكرة.
ففي عز ما سمي ب “الربيع العربي”، تزلزلت أركان المخزن بفضل نضالات حركة 20 فبراير. غير أن القوى السياسية الجذرية الفاعلة في هذه الحركة لم تكن تتوفر على الجرأة الكافية لتصعيد النضال مكتفية بوقفات ومسيرات في عطلة نهاية الأسبوع التي أصبحت روتينية مع مرور الوقت. كما أنها لم تستطع بلورة الشعار الملموس والمعبر عن المطلب الشعبي الجوهري آنذاك والقابل للقياس والقادر على لف أوسع جبهة ممكنة بواسطة التحديد الدقيق للعدو الأكثر شراسة والذي نعتبر أنه إسقاط المخزن، وفي قلبه المافيا المخزنية واكتفت بشعار فضفاض وغير ملموس (إسقاط الاستبداد والفساد) يصعب قياس مدى التقدم في انجازه ويسهل على النظام الالتفاف عليه باتخاذ بعض الإجراءات “الإصلاحية”. بينما ارتكنت الطبقات والفئات المتدبدبة (جزء كبير من الطبقات الوسطى والبرجوازية الكبرى الغير مرتبطة بالمافيا المخزنية) إلى وعود النظام بالإصلاح (تعديل الدستور) واكتفت بعض الحركات الفئوية ببعض التنازلات البسيطة التي ما أن مرت العاصفة حتى تراجع عنها النظام بل شن هجوما شرسا، بمساعدة الحزب الأصولي الممخزن، على الأوضاع الاجتماعية للجماهير الشعبية.
كما عانت هذه القوى الفاعلة من ضعف المبادرة واكتفت برفض مبادرة النظام لطرح التعديل الدستوري من دون أن تطرح بديلا بينما طرح البعض بديلا ساهم في تقسيم الحركة.
فقوة المخزن إذن تكمن، بالأساس، في ضعف القوى المناهضة له، ضعفها السياسي والفكري المتمثل في:
–غياب الأفق الإستراتيجي بمعنى التفكير في كيفية التغيير الشامل للدولة والمجتمع، وذلك بسبب انغماس هذه القوى في النضال اليومي الضروري والهام، لكن غير الكافي.
–ضعف التكتيك الذي يعني تحديد العدو الأساسي في كل فترة وخطة (الشعار الملائم، الاشكال النضالية المناسبة، الوسائل والآليات التنظيمية والتحالفات الضرورية) لعزله وإسقاطه.
–ضعف على مستوى الصراع السياسي والفكري ضد أطروحات ودعاية النظام والقوى الموالية له.
واليوم يهب شعبنا، وفي مقدمته الشباب الذي يعاني أكثر من غيره من الحكرة والتهميش وانسداد الآفاق والهشاشة والقمع، للتعبير عن رفضه وغضبه وإدانته، ليس فقط للجريمة النكراء المرتكبة في حق محسن فكري، بل، وبشكل أعمق، لنظام يستهتر بمصير شعب بأكمله، نظام يدفع الشباب نحو اليأس والإحباط والضياع. إن هذه الاحتجاجات الشعبية هي أيضا تعبير متجدد على الطموح العميق لغد أفضل لأبناء وبنات الشعب والذي لن يستطيع المخزن بكل جبروته الوقوف في وجهه، طال الزمان أم قصر. أن هذه الانتفاضة الشعبية بارقة أمل في مستقبل أحسن لابد أنه آت لأن مسيرة الشعوب نحو الحرية والكرامة والديمقراطية حتمية، رغم التراجعات والفشل والكبوات الظرفية.
فهل ستستفيد القوى الجذرية والديمقراطية من دروس النضالات القاسية السابقة لتوحيد صفوفها حول متطلبات الفترة الراهنة وهل ستراجع الفئات المتدبدبة رهاناتها على الإصلاح من داخل المؤسسات المخزنية وهل ستعي الحركات الفئوية أن تحقيق مطالبها يضل محدودا في ظل نظام اقتصادي-اجتماعي رأسمالي تبعي وريعي وطفيلي ونظام سياسي مخزني متخلف ومفترس وأن الحل الجدي لمشاكلها يتطلب تغيير هذا النظام السياسي-الاقتصادي-الاجتماعي وبالتالي أن نضالها يجب أن يندرج ويصب في النضال العام من أجل التغيير؟
إننا نعتقد أن الظروف أصبحت أكثر نضجا وأن القوى الجذرية والديمقراطية وكل القوى الحية يجب أن تتحمل مسئوليتها التاريخية لتحويل هذه الهبة الشعبية العفوية، إلى هذا الحد أو ذاك، إلى حركة منظمة من أجل التغيير الديمقراطي الحقيقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق