المتابعون

الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

الشهيد المهدي بن بركة

البشير بن بركة : هكذا أوقعت المخابرات المغربية بوالدي بباريس

  • المحجوب داسع
  • كتب يوم الأربعاء 02 ديسمبر 2015 م
معلومات عن الصورة : صورة ارشيفية
أعلن البشير بن بركة، نجل الزعيم الاتحادي، المهدي بن بركة، عن إحياء عمل  » لجنة الكشف عن حقيقة إختطاف والده « ، بعد خمسين سنة من تعليق أنشطتها.
وأشار نجل المهدي بن بركة في حوار مطول مع صحيفة « لوموند » الفرنسية، إلى أنه قرر إحياء هذه اللجنة بعد أن طال أمد هذه القضية. قائلا:  » خمسون سنة تكفي، و كان لدينا أمل في أن تكشف العدالة عن الحقيقة الكاملة في اختطاف والدي « .
وأوضح البشير بن بركة أن جميع أفراد عائلة المهدي يعتقدون أن الوقت حان لتجاوز الإجراءات القضائية، والتحرك الإعلامي، ومراسلة الحكومات من أجل طي هذا الملف.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن خمسين سنة كافية لكشف الحقيقة كاملة في قضية الاختطاف، مشيرا إلى أن جميع معطيات الملف موجودة، بما في ذلك الشهود والمتورطين في الاختطاف الذين لازالوا أحياء يرزقون ويرفضون الإدلاء بشهادتهم، مضيفا أنه بعد خمسين سنة لازال الغضب يسكنه ولا يتفهم صمت الدولتين المغربية والفرنسية عن مصير اختطاف والده.
وأوردت « لوموند » رسالة بخط المهدي بنبركة، التي توصل بها من طرف السيناريست  » جورج فرونجو « ، للإعداد لفيلم وثائقي حول مؤتمر القارات الثلاث، والتي تبرز دور المهدي في الإعداد لهذا المؤتمر.
وفيما يلي نص الحوار
« لوموند » : لماذا قررتم اليوم إحياء عمل « لجنة تقصي الحقائق في اختفاء واختطاف المهدي بن بركة »؟
البشير بن بركة: لأن خمسين سنة من الانتظار تكفي. اللجنة علقت أنشطتها في سنة 1970 على أمل أن تكشف العدالة الحقيقة كاملة في القضية، لكنها لم تفعل. عائلة المهدي بن بركة، بما فيهم أرملته، أبناؤه وبناته يعتقدون أن الوقت حان للانتقال لعمل أوسع يتجاوز الإجراءات القضائية، عمل إعلامي أكثر، ومراسلة حكومات كل من المغرب وفرنسا.
« لوموند » : بعد خمسين سنة من دفن القضية، هل لازلتم تعلقون الأمل على العدالة لكشف الحقيقة؟
البشير بن بركة : نحن نعتقد أن خمسين سنة وقت كاف لكشف الحقيقة كاملة. جميع المعطيات متوفرة في المغرب، حيث لازال الشهود والمتورطون بشكل مباشر في اختفاء واختطاف المهدي أحياء يرزقون. فملفات وكالة الاستخبارات الأمريكية « سي آي آيه » حول القضية متوفرة، كما أن الدفاع في فرنسا مستعد للكشف عن الوثائق التي يمكنها السماح بمعرفة درجة تورط الدولة والمخابرات في قضية الاختفاء. فقد تحدث الجنرال « دوكول » في تلك الحقبة عن مسؤولية المخابرات.
« لوموند » : الفخ الذي نصب لوالدكم من أجل حضوره لباريس، كان هو الاستعداد لانجاز فيلم وثائقي يعرض في مؤتمر القارات الثلاث. هل تم التعاقد مع والدكم كمستشار تاريخي؟
البشير بن بركة: نعم. كانت هذه فكرة المخابرات المغربية. أقنع مخبر يحمل اسما مستعارا « شتوكي »، الصحافي « فليب برنيي »، الذي كان صديقا لوالدي، بأن يقنعه بالمشاركة في هذا الفيلم. وانطلت حيلة الفخ أيضا على « جورج فيغون »، كمساعد منتج، والمنتج « جورج فرنجي »، و « مارغاريت دوراس ».
لوموند: كيف عشت لمدة خمسين سنة كيتيم، اختفاء واختطاف والدك، وتلكأ العدالة في الكشف عن الحقيقة؟ هل لازال الغضب يسكنك؟
البشير بن بركة: نعم، لازال الغضب يسكنني منذ خمسين سنة .لكننا نعيش حياة طبيعية في ظل عائلة. أهدت حياتها لوالدها. لايجب علينا أن نتنازل للجلادين على هذه الحياة العادية.
لوموند : كيف تلقيت بالنظر لتاريخ عائلتكم، الأحداث الإرهابية التي هزت باريس مؤخرا؟
البشير بن بركة : تلقيتها كأي مواطن بنوع من الرعب. يمكننا أن نسجلها ضمن تاريخ طويل. أنظروا لما آل إليه مصير الفاعلين الثلاث البارزين في مؤتمر القارات الثلاث. فالعديد منهم الذين كان بإمكانهم أن يدفعوا العالم نحو توازن أفضل، تم اغتيالهم باسم نظام تسبب في أضرار كبيرة نتجرع سمها اليوم. فهؤلاء الرجال يعتبرون بديلا ديمقراطيا للديكتاتوريين الذين أعدموا هؤلاء الرجال. وهم نفسهم الذين قضوا على أي معارضة منظمة. فالطبيعة لاتقبل الفراغ. الأصولية هي التي توقد نار الانتحاريين وتتلاعب بالشباب. وفي هذا الصدد لايجب أن نتفاجا بما يحدث اليوم. فهذه الأحداث المأساوية يجب أن تدفعنا إلى إعادة النظر في الكيفية التي نستقبل بها المهاجرين بما في ذلك الحصول على المواطنة، والمساواة، فيجب إعادة النظر في تاريخنا.

....................................

 

تأليف : جاك درجي, فردريك بلوكان
القسم: كتب سياسية
عددالصفحات : 343
مرات المشاهدة : 2430
شهد يوم (29/10/2005) الذكرى السنوية الأربعين لاختطاف المناضل العربي المغربي الكبير المهدي بن بركة وقتله في العاصمة الفرنسية باريس. بن بركة لم يكن مناضلاً وطنياً فقط، بل زعيماً أممياً نشطاً ضد الاستعمار العالمي، ومن أجل تحرر الشعوب المضطهدة.. لذا بات التخلص منه مطلباً رئيساً في حملة الإمبريالية الدولية لقمع انتفاضة "العالم الثالث" على الاضطهاد. قتله كان حلقة في مسلسل إجرامي نفذته الإمبريالية العالمية بحق المناضلين من أجل مستقبل أفضل للبشرية.. انقلاب في الجزائر أطاح بين بللا، وانقلاب علي أحمد سوكارنو وما أعقبه من مجزرة بحق خمسة ملايين من البشر هناك، وقتل كل من رئيس الوزراء الإيراني علي منصور، ومالكولم أكس والزعيم البرتغالي مانويل دلغادو، ووزير دفاع غواتيمالا إرنستو مولينا، وغيفارا، ومارتن لوثر كينغ، وأميلكار كابرال، وكذلك انقلاب الجنرالات على حكومة بباندريو اليسارية في اليونان، ثم عدوان عام (1967م).. القائمة تطول والجرائم لم تتوقف. اختطاف بن بركة وقتله كان جزءاً من جريمة دولية شاركت فيها قوى الاستعمار وعملائها، وأدت إلى انقلابات في "العالم الثالث" أعادت دول قيادية فيه إلى الأسر الاستعماري، نعيش تداعياته المرعبة على نحو مكثف منذ تفرد الغرب بالقرار العالمي، التواق دوماً إلى إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء واستعمار الأمم الصغيرة ونهب ثرواتها واستبعاد شعوبها. من اختطف المهدي بن بركة، ومن ثم قتله؟ الحقيقة الكاملة ما تزال مخفية والقتلة أجبن من أن يعترفوا بجريمتهم، والعالمون بتفاصيلها يصمتون حفاظاً على "هيبة" مزعومة لدولهم وأنظمتهم. لكن من المؤكد أن الاستخبارات الفرنسية ومخابرات النظام الملكي المغربي والموساد الصهيوني ووكالة الاستخبارات المركزية، تشاركت في تخطيط تلك الجريمة الدولية وتنفيذها، على نحو مباشر أو غير مباشر، حيث أوكلت إلى عملائها إضافة إلى مجموعة من المجرمين والقتلة المحترفين مهمة تنفيذها. هذا الكتاب المرجع يكشف، بتفاصيل دقيقة واعتماداً على ما توافر من وثائق قليلة أفرجت عنها الحكومة الفرنسية أخيراً وعلى أقوال شهود شاركوا في تلك الجريمة القذرة، عن أسماء المشاركين كلهم، ويسهم على نحو مهم في إعادة كتابة تاريخ حقبة مهمة من النضال الإنساني التحرري المعادي للعبودية.

..............................................................
عميل مغربي سابق: المهدي بن بركة تعرض لتعذيب وحشي مدته ساعة قبل أن يقتل
باريس-اف ب: تعرض المعارض المغربي المهدي بن بركة للتعذيب بشكل وحشي قبل ان يقتله الجنرال محمد اوفقير ومساعده احمد الدليمي، بحسب شهادة جديدة ادلى بها عميل سري مغربي سابق وتنشرها اليوم صحيفة «لوموند» الفرنسية . وتستند الصحيفة الى شهادة العميل السري السابق احمد بخاري، الذي يقول ان المهدي بن بركة تعرض للتعذيب بشكل وحشي طوال ساعات قبل ان يقتله الجنرال محمد اوفقير، الذي كان في حينها وزيرا للداخلية في المغرب، ومساعده الكومندان احمد الدليمي.
وبحسب هذه الشهادة الحافلة بالتفاصيل فان المعارض المغربي لقي حتفه في الساعة الثالثة فجر يوم السبت 30 اكتوبر(تشرين الاول) 1965 في احدى الفيلات في فونتناي ـ لو فيكونت بالقرب من باريس. وقد نقلت جثته الى الرباط، حيث اذيبت في خزان من الحمض (الاسيد).
ويقول احمد بخاري انه «قرر ان يتكلم حتى يعرف المغاربة، بدءا بعائلة بن بركة، بما حدث فعلا، لاظهار الحقيقة».
وفي موضوعين متسلسلين يحملان عنوان «الحقيقة حول مقتل المهدي بن بركة في فرنسا»، بدأ نشرهما، تمت الاشارة الى ان بخاري كان في تلك الفترة، مساعدا مقربا جدا من محمد العشعاشي، الذي كان في تلك الفترة رئيسا لجهاز مكافحة التخريب في المغرب.
ونظرا لكون بخاري على اتصال دائم مع رئيسه، الذي كان في الفيلا الفرنسية، فقد كان في موقع جيد للحصول على المعلومات من مصدرها مباشرة حول جريمة دولة ما زال الغموض يكتنف ظروف الاعداد لها وتنفيذها.
وبحسب شهادة بخاري فان «العملاء المغاربة وشركاءهم الفرنسيين ـ من الشرطة والمرتزقة ـ تم تكليفهم باختطاف بن بركة ونقله حيا الى المغرب». ولكن «خرج الوضع عن السيطرة في جنوب باريس».
ففي فيلا فونتناي ـ لو فيكونت، حيث اقتيد بن بركة بعد ان اوقفه شرطيان فرنسيان امام حانة في وسط باريس، وصل احمد الدليمي في بداية السهرة «مما ادى الى تغيير المعطيات». فالرجلان كانا يعرفان بعضهما شخصيا ويكرهان بعضهما. ما ان دخل الدليمي الى الصالة، وهو كان قد حاول قتل بن بركة في 18نوفمبر (تشرين الثاني) 1962، «شتم رئيس المعارضة المغربية وكاد ان يخنقه عندما بدأ بالصراخ، وقعت في الفخ».
وتؤكد «لوموند» انه تم تقييد بن بركة بناء على طلب الدليمي ثم قام ممرض بحقنه لكن الجرعة كانت قوية جدا: «غاب بن بركة عن الوعي».
عندئذ انقسم العملاء المغاربة الى فئتين، واحدة تزعمها محمد العشعاشي تعارض تعذيب بن بركة وتريد نقله حيا الى المغرب، بينما الفئة الاخرى بزعامة الدليمي ارادت تصفية حسابها مع المعارض.
لكن وصول الجنرال اوفقيرعند منتصف الليل «لم يضع حدا لتمادي مساعده، الذي اغضبه الصمت المطبق لبن بركة». فقام الدليمي بتعليق بن بركة بحبل، واوثق يديه خلف ظهره، بينما قام اوفقير بضرب بن بركة على صدره وظهره بخنجر مضلع.
واستمرت عملية التعذيب ساعة كاملة. وعندما قرر العشعاشي التدخل ودفع الدليمي لتحرير المهدي بن بركة، كان قد فارق الحياة، بحسب شهادة بخاري.
وفي الجزء الثاني من الموضوع المقرر نشره اليوم فان «لوموند» ستكشف الظروف، التي تم خلالها نقل جثمان بن بركة الى الرباط «واذابته في خزان مليء بالحمض» (الاسيد).
وتعتبر قضية بن بركة واحدة من اكثر المراحل القاتمة في تاريخ فرنسا الحديث. وقد تركت اثرها على العلاقات الفرنسية -المغربية ولم يتم توضيح تفاصيلها الكاملة بتاتا. كما ان بشير بن بركة، احد ابناء المهدي بن بركة، قال لفرانس برس انه يعتبر ما نشر «مثيرا للاهتمام» لكنه «يطلب ان يتم تأكيده امام القضاء».
وقال بشير بن بركة، الذي يرأس معهد «المهدي بن بركة، الذاكرة الحية» ان «شهادة بخاري مثيرة للاهتمام لكونها المرة الاولى التي تأتي فيها المعلومات من داخل اجهزة الاستخبارات المغربية». واعترف انه وجد هذه الشهادة «مؤلمة جدا في بعض الاحيان»ب«.
واضاف بشير بن بركة ان «مجمل هذه الشهادة تحتاج الى تأكيدها امام القضاء ولنا ملء الثقة في القاضي جان باتيست بارلوس للحصول على تأكيدات حول كل ما نشر» مشيرا الى انه «يجب الاستماع الى افادات شخصيات اخرى ايضا».
ومن جهة اخرى ذكرت مصادر قضائية ان القاضي المكلف بملف قضية اختفاء بن بركة سيطلع على هذين الموضوعين، ويمكن ان يستمع الى بعض الافادات لاستيضاح بعض الامور الواردة في الموضوعين.
وكان القاضي بارلوس اطلق في يناير (كانون الثاني) 2000 انابة قضائية دولية في اطار توليه ملف اختفاء بن بركة على الاراضي الفرنسية، وقام بزيارة المغرب في يونيو( حزيران) 2001، وهي المرة الاولى التي تسمح فيها السلطات المغربية لقاض فرنسي باجراء تحقيقات حول هذه القضية على الاراضي المغربية.
.......................................

المهدي بن بركة ... اللغز - YouTube

https://www.youtube.com/watch?v=3UJZosimMwA
17‏/11‏/2012 - تم التحديث بواسطة anachraalmagharibia
وثائقي عن السياسي المغربي المهدي بن بركة - قناة الجزيرة الوثائقية.
..............................
 

المهدي بن بركة

المهدي بن بركة

المهدي بن بركة
style='font-size:18.0pt;font-family:"Simplified Arabic"'>(1338
ـ 1384هـ/1920 ـ 1965م)

زعيمٌ سياسي مغربي معارض، ولد في الرباط عاصمة
المملكة المغربية لعائلة متواضعة، برع في الرياضيات والتاريخ واللغة الفرنسية وحصل
على شهادة البكالوريا بتفوق، وكان من المفروض أن يلتحق بجامعة باريس لكن قيام
الحرب العالمية الثانية دفعه إلى التوجه إلى الجزائر حيث حصل هناك سنة 1942 على
ليسانس في الرياضيات وبدأ من العام الدراسي 1942ـ 1943 حياته المهنية مدرساً في
ثانوية كورو بالرباط.
انشغل المهدي بن بركة بالنضال من أجل استقلال
المغرب وبدأ عمله السياسي مبكراً وهو في سن الثالثة والعشرين، حيث انضم إلى العمال
الوطنيين عام 1943، وشارك في تأسيس جمعية الرباط الوطنية الثقافية التي حلتها
السلطات الفرنسية سنة 1944.
شارك «بن بركة» عام 1944 في تحرير وثيقة الحادي
عشر من كانون الثاني/يناير 1944 التي طالبت باستقلال المغرب، واشترك في المظاهرات
التي جرت آنذاك ضد السلطات الفرنسية، فاعتقل وكان هذا الاعتقال الأول له. وبعد
خروجه من السجن عُيِّن عضواً في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، وفي عام 1951
اعتقل «بن بركة» مرة ثانية ونفي إلى جنوب المغرب حيث بقي في منفاه حتى عام 1954.
انفصل بن بركة عن حزب الاستقلال في عام 1959
وأنشأ حزب الاتحاد الوطني للقوى الشعبية، وبسبب معارضته لسياسة الحكومة المغربية،
اُضطر إلى الرحيل إلى جنيڤ، وبعد وفاة الملك محمد الخامس قرر العودة إلى
المغرب وانتخب عام 1962 نائباً في البرلمان في الدار البيضاء.
لجأت عائلة المهدي بن بركة إلى القاهرة في أوائل
الستينات حيث كان المد القومي في أوجه، وحيث وجدت منظمات التضامن الإفريقي
والآسيوي فضاءً رحباً لنشاطها. وأصبح «بن بركة» مقرباً من الرئيس جمال عبد الناصر
والعديد من قادة العالم الثالث.
أصبح بن بركة في الستينات زعيماً عمالياً من
زعماء العالم الثالث، فأخذ يحضِّر لمؤتمر القارات الثلاث الذي سوف يعقد في كانون
الثاني/يناير 1966 في هاڤانا عاصمة كوبا، وكان يرأس اللجنة التحضيرية
للمؤتمر، وكان شغله الشاغل نجاح المؤتمر، واتصل بكل حركات التحرر في العالم الثالث
لهذا الغرض، وبالتالي كان «بن بركة» يُعد خطراً مباشراً على الإمبريالية
الأمريكية، وخطراً على مصالح النظام المغربي أولاً ثم المصالح الاستعمارية في
إفريقيا، وكان أول من فضح التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا.
في إطار وضعه للمسات الأخيرة لانعقاد مؤتمر
القارات الثلاث زار «بن بركة» بيروت في 23 حزيران/يونيو عام 1965، ثم سافر إلى
جنيڤ وباريس وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر 1965 خُطف «بن بركة» من مقهى في شارع
سان جرمان في باريس حيث كان على موعد مع طالب مغربي يدعى تهامي الأزموري وإذ
بثلاثة رجال ينقضون على «بن بركة» ويدفعون به إلى داخل سيارة ويلوذون بالفرار عبر
شارع ران.
ولم تزل حادثة اختطاف «بن بركة» منذ أكثر من 40
عاماً لغزاً محيراً حيث اشتركت أكثر من جهة استخباراتية منها الموساد الإسرائيلي
في خطفه وقتله. وكشفت صحيفة «ايديعوت احرنوت» الصهيونية عام 1994 عن تورط الموساد
في خطف المهدي بن بركة، حيث اطلع الصحفي (شلومونكديمون) على تقارير سرية تؤكد قيام
إسرائيل وأمريكا بمساعدة لوجستية وتقنية في عملية اختطاف «بن بركة»، وذكر أن
إسرائيل ساعدت على تحديد مكانه والخطف كان على يد المخابرات الفرنسية والمغربية.
كما أعلن رجل المخابرات المغربي السابق أحمد بخاري لصحيفة لوموند
lang=AR-SY style='font-size:14.0pt;font-family:"Simplified Arabic"'>( dir=LTR>Le Monde style='font-size:14.0pt;font-family:"Simplified Arabic"'>) lang=AR-SY style='font-size:14.0pt;font-family:"Simplified Arabic"'> الفرنسية
مؤخراً ( lang=AR-SY style='font-size:14.0pt;font-family:"Simplified Arabic"'>2005) ما
سماه الملابسات التي أحاطت بمقتل زعيم المعارضة المغربية «بن بركة»، وقال إن
العديد من رجال المخابرات المغربية ومن أبرزهم الجنرال محمد اوفقير تورطوا في مقتل
الزعيم اليساري، وذكر تحديداً أسماء رجال الشرطة والمخابرات السابقين محمد مسناوي
وعبد القادر السقا، وقال بخاري إن بن بركة اختطف من وسط باريس على يد مسؤولين
مغاربة كبار ولقي مصرعه بعد تعذيبه وهو مقيد اليدين ومعلق بالحبال عام 1965، قبل
أن يتم نقل جثته إلى المغرب وإذابتها في برميل مملوء بحمض الأسيد.
كتب المهدي بن بركة عام 1965 وقبل اختطافه كتابه
الأخير «الاختيار الثوري في المغرب» ألقى فيه الأضواء على حالة المغرب في الستينات
من القرن العشرين، ويعتقد أن المؤلف قد دفع حياته ثمناً لآرائه السياسية التي يعبر
عنها هذا الكتاب خير تعبير.
هذا الكتاب فيه تحليل للمجتمع المغربي وشرح معنى
الاستقلال والظروف التي يتحقق فيها، وفيه تحليل نقدي شامل لحركة التحرير الوطني في
المغرب وخاصة في أوائل الستينات حينما كان الملك المغربي الحسن الثاني في عام 1962
يستعد أن يمنح البلاد دستوره  الرجعي. وكان المد الرجعي يكتسح القارة الإفريقية،
وكانت القوى التقدمية تواجه مصاعب محلية كما في الجزائر إثر اتفاقية إفيان
dir=LTR>Evian وفي الجمهورية العربية
المتحدة بعد الانفصال في سورية. ويسجل بن بركة في كتابه دور الطلبة في معركة
التحرير والبناء متحدين قوات القمع البوليسية، كما يفرد الكاتب صفحات عديدة من
كتابه عن دور إسرائيل في إفريقيا وفضحه هذا الدور المشبوه.
محمد
أحمد

 مراجع
للاستزادة:

ـ
المهدي بن بركة، الاختيار الثوري في المغرب (دار الطليعة، بيروت 1966).
ـ
عبد اللطيف جبرو، المهدي بن بركة ثلاثون سنة من العطاء (دار النشر المغربية،
الرباط 1976).
العنوان - عربي مجرد: 
مهدي بركه
العنوان انكليزي: 
Al-Mahdi ibn Baraka
العنوان - انكليزي مجرد: 
AL-MAHDI IBN BARAKA
العنوان - فرنسي: 
Al-Mahdi ibn Baraka
العنوان - فرنسي مجرد: 
AL-MAHDI IBN BARAKA
.................................

المعارض المغربي بن بركة، لغز عمره 50 عاما

© المعارض المغربي مهدي بن بركة ( أرشيف)
قبل 50 عاما أمام مقهى "ليب" الباريسي قام شرطيان فرنسيان باقتياد المعارض اليساري المغربي المهدي بن بركة إلى جهة مجهولة في ضواحي العاصمة ومن حينها لم يظهر أبدا.
في تلك الفترة بن بركة كان محكوما عليه بالإعدام غيابيا في المغرب  لمعارضته حكم تلميذه الملك الشاب الحسن الثاني حيث تم اتهامه بالتورط في مؤامرة لمحاولة اغتيال الملك، كما أن بن بركة كان يحضر لاجتماع القارات الثلاث في هافانا كزعيم لأفريقيا وأحد أبرز القيادات الثورية اليسارية المناهضة للامبريالية.
منذ 50 عاما لم يتمكن القضاء الفرنسي من كشف هوية قاتلي بن بركة ولا معاونيهم ولا مكان الجثة، خمسة عقود قاسية على عائلة بن بركة التي اصطدمت بتعنت السلطات المغربية والفرنسية ورفضها المساعدة للوصول إلى الحقيقة باسم المحافظة على أسرار الدولة.
السيدة خديجة الرياضي أحد وجوه النضال الحقوقي واليساري  في المغرب تقول "إن رمزية إحياء ذكرى اختطاف واغتيال مهدي بن بركة تتعدى الرجل. فهو شخصية بارزة أثرت بنضالها وحبها لوطنها وللقضايا العادلة عدة أجيال. التواطؤ الموجود بين السلطات الفرنسية والمغربية لإخفاء الحقيقة يعكس أهمية الرجل وفكره على المستوى المغربي والدولي بدليل وجود عدة روايات تقول بتورط عدة دول في عملية اغتياله"
" تشي غيفارا" العرب وأفريقيا
الحقيقة حول اختفاء بن بركة متعددة ومختلفة منها ما يقول إن بركة اغتاله الجنرالان أوفقير والدليمي بعلم من الحسن الثاني وبمساعدة من الاستخبارات الفرنسية، وهناك من يقول إن بن بركة كان ضحية مؤامرة شاركت فيها عدة استخبارات غربية كانت ترى فيه زعيما يساريا خطيرا قد يقلب الموازين بذكائه واتحاده مع شي غيفارا وهوشي منه. ومؤخرا  كشفت صحف إسرائيلية أن الموساد ساعد على خطفه وتزويد المخابرات المغربية بمادة كيميائية لإتلاف جثته ودفنها في إحدى الغابات أو رميها في البحر.
روايات بشعة تطرح أسئلة لمعرفة من هو المهدي بن بركة ؟  تلميذ متميز من مواليد الرباط  وحاصل على شهادة في الرياضيات والاقتصاد. كان زعيما وطنيا في حزب الاستقلال وأحد الموقعين على وثيقة الاستقلال عن فرنسا وأبرز المقربين من الملك الراحل محمد الخامس. وكانت له عدة انجازات لعل أهمها طريق الوحدة الذي يربط مدينة فاس الجنوبية بمحميات الشمال الاسبانية في رمزية تقول إن المغرب هو واحد ويجب أن يستقل عن اسبانيا وفرنسا.
في ذكرى اختفاء بن بركة المنظمات الحقوقية الدولية حملت السلطات الفرنسية والمغربية مسؤولية عدم كشف الحقيقة لتبقى قضية المهدي  فضيحة سياسية فرنسية مغربية مازالت تزعج السلطات.
بالنسبة لرفاق بن بركة من اغتاله  تمكن من الرجل جسديا لكنه لم يتمكن من فكره ونضاله الذي بقي حيا وسط رفاقه في المغرب والعالم ليقول إن الحلف الأمني الفرنسي المغربي مازال قويا كما كان في الماضي من أجل التعاون لطمس الحقائق، إضافة لغياب الإرادة السياسية الجدية من طرف السلطات المغربية لطي صفحة الماضي والانتقال إلى مرحلة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والشعوب.    
 ..............................
 معلومات إسرائيلية عن ملابسات قتل المهدي بن بركة

تاريخ النشر : 2008-01-27




غزة-دنيا الوطن

بدت رواية الصحافي الإسرائيلي شموئيل سيغيف حول ظروف خطف المعارض المغربي المهدي بن بركة وقتله، في منتصف ستينات القرن الماضي في باريس، أقرب إلى التصديق، خصوصاً قوله إن حادثة مقتله عبر تغطيس رأسه في إناء ماء على يد مدير الأمن المغربي وقتذاك العقيد أحمد الدليمي كان عن طريق الخطأ. وتتقاطع هذه المعلومة عن أن قتل بن بركة لم يكن مقصوداً مع معطيات توافرت لـ «الحياة» أفادت أن المعارض الراحل كان على اتصال مع القصر عن طريق وسطاء لحضه على العودة إلى البلاد لتسلم مسؤولية حكومية رفيعة المستوى كان مهّد لها الملك الراحل الحسن الثاني عبر اصدار عفو شامل عن معارضيه المعتقلين والمقيمين في المنفى، وفي مقدمهم بن بركة الذي كان موقفه المؤيد للجزائر في «حرب الرمال» التي وقعت بين القوات المغربية والجزائرية في خريف 1963 جلب عليه المزيد من الغضب والانتقاد.

غير أنها المرة الأولى التي يُشار فيها إلى تورط الدليمي في مقتل بن بركة، وإن كانت محكمة فرنسية برّأته إثر تسليم نفسه إلى القضاء الفرنسي العام 1967. وثمة معلومات متقاطعة عن ضلوع أجهزة استخبارات فرنسية وإسرائيلية، وربما أميركية، إضافة إلى عناصر مغربية، في تنفيذ خطة خطف المعارض المغربي واغتياله.

بيد أن إشارة الصحافي الإسرائيلي سيغيف في كتابه الذي صدر أمس في إسرائيل بعنوان «الصلة المغربية» باللغة العبرية إلى كون بن بركة كان لا يزال على قيد الحياة حتى الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) 1965 يلتقي والوقائع التي استندت إليها المحكمة الفرنسية لجهة وجود العقيد الدليمي في 29 تشرين الأول (اكتوبر) 1965 في الجزائر لإعداد زيارة كان سيقوم بها الملك الحسن الثاني إلى البلد المجاور وقتذاك. وقد تكون خلاصة الكتاب في شأن إمكان دفن جثمان بن بركة في ورشة اسمنت مسلح على جانب الطريق السريع جنوب باريس، ربما استندت إلى كون الدليمي وبعض مرافقيه توقفوا في ذلك الطريق ابان توجههم إلى مطار أورلي في طريق العودة إلى المغرب، ما اعتُبر تمويهاً لإخفاء المكان الحقيقي لدفن جثمانه... أو أنها الحقيقة فعلاً.

وتعتقد أوساط بان وجود الدليمي إلى جانب الجنرال محمد أوفقير، وزير الداخلية آنذاك، في حفلة رعتها السفارة المغربية في باريس وحضرها مسؤولون بارزون في الداخلية والاستخبارات والأمن الفرنسي لمناسبة تخريج فوج من الولاة المغاربة، لم يثر ردود فعل السلطات الفرنسية، كون قضية بن بركة كان يُنظر إليها بوصفها مسألة خطف غامضة، قبل أن تتسرب أنباء عن مقتله.

واللافت أن الصحافي الإسرائيلي سيغيف أشار إلى طلب المعارض بن بركة مساعدة «الموساد» الإسرائيلي في إطاحة نظام الملك الراحل الحسن الثاني، ما يفرض أن ثمة علاقات كانت تربطه بأطراف إسرائيلية، من ضمنها أن الرجل الذي زاره في بيته عندما قدم من جنيف إلى باريس، لم يكن غير النائب اليهودي جوحنا أوحنا الذي عُرف عنه ارتباطه بجهات إسرائيلية، إضافة إلى صداقته المتينة مع المستشار المتنفذ أحمد رضا غديرة، أقرب الشخصيات السياسية إلى الملك الحسن الثاني. غير أن تحريات صحافي غربي قادته إلى استخلاص أن المعارض المغربي بن بركة كان أحد عملاء الاستخبارات التشيكوسلوفاكية التي يعتقد بان جهات فيها رتبت له مقابلة مع إسرائيليين. إلا أن الصورة التي عُرف بها قدمته كأبرز مناهضي إسرائيل والامبريالية الأميركية في فترة الحرب الباردة. وثمة من يذهب إلى أنه دفع حياته ثمن رهانه على إنشاء جبهة افريقية - آسيوية - أميركية لاتينية في مواجهة الولايات المتحدة، خصوصاً أنه كان يعتزم تنظيم مؤتمر دولي في هذا الاتجاه تستضيفه كوبا التي تسبب رفضها معارضة عقد المؤتمر، في قطع العلاقات الديبلوماسية بينها وبين المغرب.

وفي ظرف غير متباعد، صدرت معطيات عدة حول اختطاف المعارض المغربي واغتياله، شملت الكشف عن عمله لمصلحة الاستخبارات التشيكوسلوفاكية، وتقديم شريط سينمائي فرنسي مطلع الأسبوع الجاري في القناة الفرنسية الثانية، ثم صدور كتاب الصحافي الإسرائيلي سيغيف، ما يؤشر إلى قرب ازالة الظلال العالقة حول ملف من أكثر الملفات تعقيداً

...........................

المهدي بن بركة - شخصيات قومية 6




لم يعش المهدي بن بركة طويلا، ولد في عام 1920في مدينة الرباط، وتم اختطافه في عام 1965. وفي أقبية الموت جرى الاقتصاص من أفكار ذلك القائد التاريخي في الحركة الوطنية والتقدمية المغربية، ومن نشاطه الذي تعددت أشكاله وميادينه وجبهاته دفاعاً عن حق شعبه في الحياة والحرية والتقدم. وبرغم قصرالمسافة بين الولادة وبين الانخراط المبكر في قيادة الحركة الاستقلالية مع زملائه في حزب الاستقلال ثم في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وبين الغياب المبكر عنالحياة،فإنالمهدي بن بركة قد تجاوز المألوف فيتطور الشخصيات العامة، ليتحول في مدى زمني قصير إلى واحد من كبار الشخصيات التي عرفتها المملكة المغربية في العصر الحديث. التقيت المهدي بن بركة للمرة الأولى في أحدالاجتماعات التي كان يعقدها مجلس السلم العالمي من أجل نزع السلاح ولتحريم الأسلحةالذرية ومن أجل إزالة القواعد والأحلاف العسكرية، ومن أجل تحرير الشعوب من مستعبديها القدامى والجدد. وكان ذلك في موسكو في صيف عام 1962. ثم تكررت لقاءاتي به في الاجتماعات التي كانت تعقدها منظمة تضامن شعوب آسيا وافريقيا. وأذكر حواراً جرى بيني وبينه في أحد تلك الاجتماعات التي جرت في تنزانيا. وكان يترأس إحدى جلساتالنقاش المحتدم بين المندوبين السوفييت وأنصارهم والمندوبين الصينيين وأنصارهم. وكان الضحية في تلك الجلسة بالذات الشاعر التركي ناظم حكمت. كنت قادماً من الفندق لحضور تلك الجلسة عندما التقيت بالشاعر وهو يخرج غاضباً. سألته عن سبب غضبه، فأجاب بحنق: هل يُعقل أن يُشتم ناظم حكمت في اجتماع لممثلي شعوب آسيا وافريقيا؟ هل تعتقدأن ذلك أمر طبيعي؟ ثم سرت معه مهدئاً من روعه، محاولاً تغيير الحديث في اتجاه آخر. وعندما رأيت ابن بركة خارجاً من الاجتماع ذهبت إليه متسائلاً عن الحادث الذي أغضب ناظم حكمت. فأجاني بكثير من السخرية والمرارة: وهل تعتقد يا أخي أنني أنا المسؤول عن هذا الصراع المدمر بين الأشقاء الأعداء السوفييت والصينيين؟ لم أكن قد عرفت الكثير عن ابن بركة في ذلك الوقت. لكن حادثا ختطافه وقتله أثار ضجة كبيرة. ووضع أمام العالم كله كل المعطيات عن تاريخ هذاالقائد الكبير، وعن المراحل التي مر بها في حياته كطالب ثم كمناضل ثم كمفكر وعالمثم كقائد سياسي من الطراز الرفيع. وأتيحت لي فرصة اللقاء بالعديد من المناضلين والمثقفين المغاربة ومن بينهم الفقيه البصري، رفيق درب ابن بركة، الذين قدموا لي الكثير مما كنت لا أزال أجهله عن ابن بركة. وكان ابنه بشير آخر من زودني بالمزيد من المعلومات عن والده.تفاصيل من حياته وُلدالمهدي بن بركة في الرباط في عام ،1920والده كان تاجراً صغيراً، ووالدته وشقيقاته كن يمارسن الخياطة في المنزل، وكانت العائلة مؤلفة من أربع أخوات وشقيقين. بدأ دراسته في مدرسة خاصة بتدريس القرآن،لينتقل بعدها إلى المدرسة الحديثة. أنهى دراسته الثانوية في كلية مولاي يوسف ثم فيكلية “غورو” في مدينة الرباط. ولأنه كان طالباً متفوقاً فقد قدمت له الحركة الوطنية الاستقلالية المساعدة المالية الضرورية لاستكمال دراسته. وفي عام 1938 حاز شهادة البكالوريا بدرجة جيد جداً. ولأنه لم يستطع الذهاب إلى باريس لمتابعة دراسته الجامعية بسبب احتلال فرنسا من قبل ألمانيا الهتلرية، فقد ذهب إلى الجزائر لينتسب إلى كلية العلوم وليحصل على إجازة في الرياضيات. وهناك تم انتخابه رئيساً لاتحادطلاب شمال افريقيا. بعد انتهاء دراسته الجامعية عاد إلى المغرب في عام 1943 ليمارس مهنة تدريس الرياضيات في كلية “غورو”، ثم في الكلية الملكية، حيث كان من طلابه فيذلك الحين الأمير الحسن الذي أصبح بعد ذلك خصمه اللدود بعد أن اعتلى عرش المملكة فيأعقاب وفاة والده الملك محمد الخامس. لكن ابن بركة سرعان ما خرج من التعليم في العام التالي إلى المعتقل من قبل السلطات الفرنسية، في أعقاب المظاهرات التي شارك فيها وفي الإعداد لها، والتي انتهت بإعلان البيان الداعي إلى استقلال المغرب. وكان الأصغر سناً بين الموقعين على هذا البيان. وكان قد انتسب في ذلك الوقت إلى “اللجنة المراكشية للعمل” التي تحولت في البداية إلى حزب هو “الحزب الوطني” الذي تحول بدوره إلى الحزب الذي صار يحمل اسم “حزب الاستقلال” منذ ذلك التاريخ حتى هذه اللحظة.بعد خروجه من السجن اختير عضواً في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال. وظل يحتفظ بهذا الموقع إلى حين انشقاقه عن الحزب مع زملاء آخرين له. وكان من أكثراهتماماته في إطار النضال من أجل الاستقلال تركيزه على تطوير التعليم والعناية باللغة العربية باعتبارها اللغة الأم، وتوسيع انتشارها بديلاً من اللغة الفرنسية،فضلاً عن اهتمامه بإحياء التراث المغربي القديم. وقد جعلته اهتماماته تلك في نظرالمستعمرين، لا سيما من المقيم العام في ذلك الحين الجنرال جوان، من أخطر الشخصيات المعادية للوجود الفرنسي في المغرب.اعتقل في 28 فبراير/ شباط 1951 وأرسل إلى جنوب البلاد في شكل نفي وإقامة جبرية. لكنه استطاع أن يقيم في منفاه علاقة مباشرة مع السكان المحليين الذين عمدوه زعيماً معتقلاً. وساعده ذلك على البقاء على علاقة جيدة مع رفاقه في قيادة الحزب وفي الحركة المناضلة من أجل الاستقلال.. لكنه لم ينسَ خلالتلك الفترة أن يتابع اهتمامه بتعميق معارفه العلمية، فقرأ الكثير من الكتب.خرج من الاعتقال والنفي في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1954. وبادر فور خروجه إلىالحرية لإقامة علاقة جيدة بين الجناح السياسي في الحركة الوطنية والجناح العسكري فيالحركة، الذي كان قد شكل نوعاً من جيش تحرير ومقاومة منذ عام 1952. وقد هيأته نشاطاته وشجاعته والأدوار التي لعبها في حزبه وفي الحركة الوطنية الاستقلالية لأن يشارك في الوفد الذي خاض المفاوضات مع الفرنسيين في عام 1955 في “إكس- لي- بان” التي انتهت بإنهاء الاستعمار الفرنسي المباشر للمغرب وإعادة الملك محمد الخامس منمنفاه. وفي عام 1956 انتخب رئيساً للجمعية الوطنية الاستشارية.
ورغم أن هذه الجمعية لم تكن ذات صلاحية فإنه بذل أقصىالجهد لتحويلها إلى مركز نقاش وتمرين على الديمقراطية على امتداد فترة وجودهاووجوده على رأسها إلى حين حلّها في عام 1959. وكان في الوقت ذاته قد اختير ليكونمسؤولاً عن إصدار وتحرير المجلة الأسبوعية “استقلال” الصادرة باللغة الفرنسية. وكانت تلك المجلة بمثابة الناطق باسم الجناح التقدمي في حزب الاستقلال. وأسهم فيعام 1957 في المبادرة التي دعت إلى شق “طريق الوحدة”، التي ترمز إلى وحدة المغرب،ومناهضة فكرة تقسيمه. ولبى الألوف من المغاربة الدعوة إلى شق تلك الطريق، قادمينإلى تلك المهمة الوطنية من المنطقة التي كانت تحت السيطرة الفرنسية ومن المنطقةالتي كانت تحت السيطرة الإسبانية. ورافقت عملية شق الطريق ندوات سياسية وثقافيةوتربية مدنية وتوعية وقراءات متنوعة.منظمة تضامن كان لا يزال رئيساً للجمعيةالوطنية عندما عقد في القاهرة في عام 1959 المؤتمر التأسيسي لمنظمة تضامن شعوب آسياوافريقيا. وبالرغم من القرار الذي اتخذه حزبه، حزب الاستقلال، بعدم المشاركة فيالمؤتمر فإنه أرسل رسالة تحية إلى المؤتمر باسم الجناح التقدمي في الحزب لكي يكونمساهماً في تأسيس تلك المنظمة. وانتهى به وبزملائه في هذا الجناح من حزب الاستقلالإلى إعلان انشقاقهم في 25 يناير/ كانون الثاني من عام ،1959 والإعداد لتأسيس حزبجديد هو حزب “الاتحاد الوطني للقوات الشعبية” في مؤتمر عقد في الدار البيضاء فيالسادس من سبتمبر/ أيلول من العام ذاته.في عام 1960 انتخب عضواً في اللجنةالتنفيذية لمؤتمر الشعوب الافريقية وعضواً في قيادة منظمة تضامن شعوب آسياوافريقيا. خرج منالمغرب بعد تحميله مسؤولية محاولة اغتيال ولي العهد الأمير الحسن. ثم عاد في عام 1962 ليشارك في المؤتمر الثاني لحزبه “الاتحاد الوطني للقواتالشعبية”. لكنه عاد فخرج إلى أوروبا، باريس وجنيف، للمرة الثانية، في أعقاب القرارالذي اتخذه الحزب بمقاطعة الاستفتاء حول الدستور. وكان الملك محمد الخامس قد توفيوخلفه في المُلك ولي العهد الأمير الحسن. إذ تعرض المهدي في تلك الفترة لمحاولةاغتيال بواسطة سيارة تابعة للشرطة. وقد أحدثت تلك المحاولة عطباً في فقرات رقبته اضطرته لاستخدام اللفافة حول عنقه التي يستخدمها المصابون بتكلس فقرات الرقبة أوفقرات أعلى الظهر. وقد تعرض في منفاه لعدد من محاولات الاغتيال إلى أن جاءت الأخيرة في شكل اختطاف ثم قتل في 29 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1965. وكان قد انتخب قبيل اختطافه رئيساً لمنظمة تضامن شعوب آسيا وافريقيا في المؤتمر الذي عقد في مدينة أكرافي غانا في ذلك العام بالذات.تلك هي شذرات من سيرة قائد مغربي كبير، تشير إلىالأدوار التي لعبها منذ شبابه الباكر في حياة بلده، من أجل الاستقلال أولاً، ثم من أجل الحرية والديمقراطية والتقدم لهذا البلد في ظروف شديدة التعقيد، كثيرة الآلام. غير أن ثمة تفاصيل مهمة في سيرة الرجل لا تكتمل صورته إلا بالإشارة إليها ولوبالقليل من الكلام. بعضها يتصل بأحداث، وبعضها الآخر يتصل بأفكار كان سباقاً فيطرحها داخل حزبه، حول المهمات التي تواجه بلده في مرحلة ما بعد الاستقلال، وبعضهاالثالث يتصل بموقفه مما كان يجري من أحداث وتطورات على صعيد الوطن العربي وعلى صعيد القارة الافريقية، التي كانت تنهض من تحت ركام القرون الطويلة من العبودية إلىالحرية، لكن باضطراب وارتباك كبيرين لا تزال آثارهما بادية للعيان حتى هذه اللحظة.من المفيد التذكير هنا بأن ابن بركة، حين كان يتمايز داخل حزب الاستقلال بانضمامه إلى الجناح التقدمي في هذا الحزب، لم يكن وحيداً. كانيشاركه في ذلك التمايز عدد من رفاقه الذين أسهموا معه في تأسيس “الاتحاد الوطني للقوات الشعبية”، ثم حولوا هذا الحزب، بعد غياب ابن بركة، إلى حزب الاتحادالاشتراكي. يبرز في مقدمة شركاء ابنبركة في هذه التحولات السياسية والفكرية منذ البدايات أسماء كل من عبدالرحيم بو عبيد وعبدالله ابراهيم ومحمد البصري وعبدالرحمن اليوسفي. وهي أسماء كبيرة وذات أدوار مهمة في تاريخ المغرب الحديث. وكان عبدالله ابراهيم من أوائل مَن أوكلت إليهم مسؤوليات وطنية كبرى غداة الاستقلال في عهد الملك محمد الخامس. إذ كُلف بترؤس الحكومة. كما شارك عبدالرحيم بوعبيد في وزارات عدة. وآخر تلك المسؤوليات في الفترة الأخيرة من عهد الملك الحسن ماقام به عبدالرحمن اليوسفي حين طلب منه تشكيل حكومة اتحاد وطني (1958)، ضمت، إلىجانب الاتحاد الاشتراكي الذي كان أمينه العام، أحزاباً يسارية وليبرالية، من المعارضة السابقة، ومن أنصار الملك. غير أن ابن بركةلم يشترك في أي من تلك الحكومات. والمسؤولية الوحيدة التي تبوأها هي رئاسته للجمعية الوطنية في أواخرالخمسينات إلى حين حلها في عام 1959. ذلك أن ابن بركة ظل يحافظ على راديكاليته داخل الحزب، سواء في فترة وجوده في البلاد، أم في منفاه القسري. وتشير إلىراديكاليته التقارير التي كان يقدمها إلى اجتماعات الحزب وإلى مؤتمراته، وكذلك كتاباته في المناسبات المختلفة. وقد صدرت بعض هذه التقارير والكتابات باللغةالفرنسية في عام ،1999 تحت عنوان “كتابات مهدي بن بركة بين 1957 و1965”.ولعلأهم هذه الكتابات التي تضم أبرز أفكاره تقريره الذي قدمه إلى المؤتمر الثاني لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في عام 1962. ويحمل هذا التقرير عنواناً عاماً هو: “الاختيار الثوري في المغرب”. ولهذا العنوان دلالة مهمة، فهو يشير إلى أن ابنبركةلم يتخل عن راديكاليته حتى آخر لحظة من حياته.يتضح من قراءة هذا التقرير كم كانت تشغل ابن بركة قضية التطور اللاحق للمغرب، بعد تلك السنوات الصعبة التي رافقت ولادة الاستقلال، وعقب قيام الملكية، لاسيما في عهد الملك الحسن.كانت الصعوبات الكبرى التي تواجه انتقال المغرب إلى دولة ديمقراطية تهتم بتطوير البلاد وتقدمها الاقتصادي والاجتماعي، شديدة الوضوح بالنسبةإلى ابنبركة.
لكنه كان حريصاً أن يطرح المسألة، لا في شكل تجريدي،بل في الأخذ بالاعتبار الظروف الخاصة بالقارة الافريقية ، والظروف العامة التي كان يشهدها العالم المعاصر. وقد رأى أن انتقال معظم بلدان القارة الافريقية من السيطرةالاستعمارية إلى الاستقلال والحرية ظاهرة بالغة الأهمية، رغم أن جنوب افريقيا كانت لا تزال في قبضة العنصريين، ورغم أن المستعمرات البرتغالية لم تكن قد شهدت تحررهابعد. وقدر تقديراً عالياً انتصار الثورة الجزائرية، ووصول جبهة التحرير الوطني إلىالسلطة بعد ثورة قدم فيها الشعب الجزائري الكثير الكثير من التضحيات. لكنه، وهويقدر هذه الإنجازات، كان يرى إلى أن الاستعمار سيظل يحاول العودة في أشكال جديدةإلى بلدان القارة. وكان يعتبر أن مهمة الحركات الثورية في هذه البلدان هي في أنتدرك بوعي تلك المخاطر، من خلال قراءة دقيقة ومعمقة لواقع بلدانها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وقد رأى، في هذا السياق من التحليل لوضع القارة الافريقية،وللوضع الذي كان سائداً في العالم، أن على الحركة الوطنية والتقدمية في المغرب،وعلى حزب “الاتحاد الوطني للقوات الشعبية” على وجه الخصوص، أن يعرفوا كيف يضعون خططهم لمواجهة تلك الأخطار. ويلفت ابن بركةفي تقريره هذا الانتباه إلى أن التناقضات الاجتماعية في المغرب في المرحلة السابقة على الاستقلال لم تكن بالوضوح الذي برز في المرحلة التي أعقبت قيام الحكم الوطني. ويشير، في هذا الصدد،إلى أن البرجوازية الكبرى في المدينة والريف قد نهضت في مرحلة الحكم الوطني للدفاع عن مصالحها، ولكي تتمكن بالوسائل المتاحة لها وضع يدها على القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ويشير إلى ثلاثة أخطاء وقع فيها حزبه ستكون قاتلة إذا لم يتم تداركها. الخطأ الأول يتمثل في سوء التقدير لأنصاف الحلول التي كان الحزب مضطراً للأخذ بها. الخطأ الثاني يتمثل بالإطار المغلق الذي مرت فيه بعض معاركهم بمعزل عن مشاركة الجماهير الشعبية فيها. الخطأ الثالث يتمثل بعدم الوضوح في مواقفهمالأيديولوجية وعدم تحديدهم لهوية حركتهم. ويقدم في شرحه لتلك الأخطاء مثلاً يعتبره نقطة انطلاق للتخلص من الخطأ والحذر من الوقوع في الخطأ من جديد.

.........................


مرور 43 عاما على عملية اختطاف واغتيال

المهدي بن بركة في باريس
يوم الجمعة 29 أكتوبر 1965
القضية مازالت مثيرة للجدل إلى يومنا هذا من خلال الروايات والشهادات وانعكاسات مسار المغرب السياسي

لقد منح بن بركة كل ما يملك لهذا الشعب
كان بن بركة شعلة من النضال


لماذا اغتيل بن بركة أواخر أكتوبر 1965؟

كلنا أمل أن تقال الحقيقة ليس فقط في ما وقع للمهدي بن بركة بل لكل أولئك الذين لا يملكون في هذا الوطن قبرا 
..................................

من أوراق الموساد السرية.. “العلاقة المغربية”: أسرار التعاون المخابراتي بين الرباط وتل أبيب

30/03/2008


سيجف، مؤلف العديد من الكتب التي تدور أحداثها عن القضايا السرية، و يعتبر الصحفي الوحيد الذي قام بالإطلاع على وثائق الموساد ، وقام بتقديم بعضاً من تفاصيلها ، بعيداً عن قيود الرقابة “الإسرائيلية” ، كاشفاً عن أعمال المخابرات” الإسرائيلية” في بلاد المغرب العربي ، وأسرار هذا النشاط الذي استمر عشرات السنوات ، وقصة التعاون بين تل أبيب والرباط الذي أفضى إلى حدوث وساطة مغربية سنة1977، قبيل زيارة الرئيس أنور السادات “لإسرائيل”، والتي نتج عنها اتفاقية كامب ديفيد والتوصل إلى أول اتفاق سلام توقعه “إسرائيل” مع دولة عربية.
——————–
الحديث عن العلاقات السرية التي يقيمها الكيان الصهيوني مع بعض الدول أمر مثير للغاية ، خاصة وإن طال ذاك الحديث دولة عربية ما ، وقبل نحو أسبوعين طرحت دار نشر “ميتير” “الإسرائيلية” كتاب جديد للصحفي المعروف شموئيل سيجف بعنوان “العلاقة المغربية” يسرد فيه أدق التفاصيل المتعلقة بالعلاقات الصهيونية – المغربية ، ويكشف فيه أيضاً عن وثائق سرية لجهاز المخابرات “الإسرائيلي” “الموساد” تتعلق بالعلاقات مع الرباط ، والدور الخفي للجهاز في هذا البلد العربي.

سيجف، مؤلف العديد من الكتب التي تدور أحداثها عن القضايا السرية، و يعتبر الصحفي الوحيد الذي قام بالإطلاع على وثائق الموساد ، وقام بتقديم بعضاً من تفاصيلها ، بعيداً عن قيود الرقابة “الإسرائيلية” ، كاشفاً عن أعمال المخابرات” الإسرائيلية” في بلاد المغرب العربي ، وأسرار هذا النشاط الذي استمر عشرات السنوات ، وقصة التعاون بين تل أبيب والرباط الذي أفضى إلي حدوث وساطة مغربية سنة1977، قبيل زيارة الرئيس أنور السادات “لإسرائيل”، والتي نتج عنها اتفاقية كامب ديفيد والتوصل إلى أول اتفاق سلام توقعه “إسرائيل” مع دولة عربية.
ويكشف الكتاب الإسرائيلي الجديد الدور الذي لعبه “الموساد” “الإسرائيلي” في اغتيال المعارض المغربي المهدي بن بركة ، وهو ما أكدته صحيفة “يديعوت أحرونوت” التي أفردت مساحة واسعة لعرض هذا الكتاب الهام الذي يميط اللثام عن عقود من العلاقات السرية بين “إسرائيل” والمغرب ويتيح للجميع التعرف عن قرب ومن خلال الوثائق معرفة بعض الأسرار في تاريخ العلاقات”الإسرائيلية” – العربية.
وتشير الصحيفة في بداية عرضها للكتاب إلي أنه وفي نوفمبر 2007، أعلن القاضي الفرنسي “باتريك رامييل” أنه سيستأنف التحقيق في قضية اختطاف واغتيال واختفاء جثة زعيم المعارضة المغربية مهدي بن بركة - تلك الحادثة التي وقعت قبل نحو 42 عاماً ، وتفتح من جديد بشكل مفاجئ.
ففي أعقاب الطلب الذي تقدمت به أسرة بن بركة لإعادة فتح ملف القضية، أعلن القاضي أنه يريد معرفة أي من ملوك المغرب، يتحمل مسئولية اغتيال بن بركة، ومعرفة العملاء الفرنسيين الذين حصلوا على رشوة لتسهيل عملية الاختطاف والدور الذي لعبه “الموساد” “الإسرائيلي” في هذه القضية ، و كان بن بركة قد اختطف في التاسع والعشرين من أكتوبر 1965، مع ذروة المعركة الانتخابية للرئاسة الفرنسية ، ومنذ ذلك الحين، لم يعلم عنه أحداً أي شيء.
وقد كشفت هذه القضية عن أهم وأكثر التحالفات سرية في الشرق الأوسط- بين أجهزة المخابرات المغربية و”الإسرائيلية” ، ويبدو أن تلك العلاقات قد وصلت إلى ذروتها في هذه القضية، عندما قدمت “إسرائيل” معلومات إلى المغاربة مكنتهم من تعقب واغتيال بن بركة، نظير معلومات لا مثيل لها في المضمون والأهمية قدمها المغاربة “لإسرائيل” ، و أدت هذه القضية إلى إحداث عاصفة شديدة داخل نظام الحكم في “إسرائيل”، كادت أن تدفع رئيس الوزراء آنذاك ليفي أشكول إلى الاستقالة.

بداية النشاط السري للموساد في الرباط:ووفقاً لما ذكره سيجف، فإن العلاقات المغربية -”الإسرائيلية” بدأت في أعقاب الشعور بالخوف على مصير اليهود المغاربة- وكان هذا أول هدف لإجراء علاقة سرية ، ولكن بمرور السنين، أصبحت العلاقات “الإسرائيلية” - المغربية متشعبة ومتنوعة، نكشف النقاب عنها هنا لأول مرة ، وفي عام 1955، قرر “الموساد” إزاء المساعدات الجادة التي قدمتها مصر لحركة التحرير في المغرب، أن هناك ضرورة بالغة لحماية يهود المغرب حتى يتم تهجيرهم “لإسرائيل” .
و أمر رئيس الوزراء دافيد بن جوريون رئيس الموساد “إيسار هريئيل” بإقامة شبكة عمليات في المغرب يطلق عليها “هامَسجيرت”- أي الإطار ، وتم تكليف “شلومو حافيلوف” لرئاسة تلك الشبكة، واتخذ من باريس مقراً له، من أجل تأمين استمرارية الاتصال مع قيادة “الموساد” في “إسرائيل” ، وكان حافيلوف يتوجه من حين لآخر إلى المغرب لمقابلة عملائه حتى يتعرف منهم على طبييعة العمل وحل المشاكل التي يواجهونها ، وقسم عملائه إلى مجموعتين أساسيتين: مجموعة “لفيا”، التي تولت حماية السكان اليهود، ومجموعة “مكهيلا” التي تولت تهجير اليهود. واهتم عميل واحد بأمر حركات الشبيبة وحصل على لقب “بالاط”.
كان حافيلوف ذاته تحت إمرة إيسار هريئيل في شعبة “بيتسور” “بالموساد”، تلك الشعبة المختصة بحماية وتهجير الجاليات اليهودية التي تواجه خطراً في الدول التي تعيش فيها ، وكان توقيت انتشار هذه الشبكة في المغرب ممتازاً: مع تدهور الحكم الفرنسي في المغرب قبيل استقلالها في مارس 1956 ، وكانت مقاليد الحكم آنذاك لا تزال في أيدي فرنسا، التي غادرت البلاد بشكل تدريجي، مما ألحق مساساً بأداء مختلف الوزارات.
كان المسئولون المغاربة الذين خلفوا الفرنسيين محدودي الخبرة وأقل فائدة، وقد تضررت بالتحديد أجهزة الاستخبارت، حيث ضعفت النواحي الأمنية ومراقبة الحدود الساحلية والبرية والجوية ، ونشر سيجف في كتابه أسماء وألقاب رجال الموساد الذين عملوا في المغرب خلال تلك الفترة ، ويتضح أنه كان هناك امرأة بين قادة العملية تدعى “يهوديت نسياهو”، عميلة مدربة من “الموساد” لعبت دوراً في إلقاء القبض على أدولف أيخمان ، و دخل العملاء “الإسرائيليين” المغرب عبر عدة طرق متنوعة.

وكان جهاز الموساد مسئول عن التنفيذ، والوكالة اليهودية والجوينت مسئولان عن تهجير يهود المغرب الذين هاجروا بشكل جماعي إلى “إسرائيل”- هاجر 72 ألف يهودياً منذ عام 1948 وحتى نهاية 1955 ، وعندما بقي أكثر من 200 ألف يهودي، أعلنت الحكومة المغربية إغلاق معسكرات الهجرة وفرضت حظراً على خروج اليهود من البلاد سنة 1956.
ويقول سيجف إنه “على عكس الناجين من محرقة النازية، الذين هاجروا “لإسرائيل” من داخل محارق معسكرات الإبادة، كان يعيش يهود المغرب في أمان بشكل نسبي ، فلم يكن في المغرب معاداة للسامية إسلامية بشكل منظم، ولم تُرتكب هناك أي مذابح على الإطلاق” ، ويضيف سيجف أن كتابة الحقيقة عن الهجرة من المغرب كانت نوعاً من اكتمال الصورة، على حد اعتقاده، لأنه شخصياً يتحمل جزءً من افتعال تلك الأكاذيب.
“لقد قام نظام الحكم الإسرائيلي بتزييف الواقع وجعل الهجرة من المغرب تحاكي الرواية الصهيونية ، والحقيقة أننا لم نكن بصدد هجرة بدعوى أن هناك مشاكل ، بل العكس: فقد كان يهود المغرب هم أساس الوساطة لدى النظام الحاكم والإدارة العامة وقطاع الأعمال ، وبعد رحيل نظام الحكم الفرنسي والاستقلال، احتاجت المغرب إلى يهودها أكثر من أي وقت، وكان الملك يحرص على مكافأتهم وحمايتهم والحفاظ على سلامتهم ورفاهيتهم”.
ويضيف قائلاً”كنت في تلك الفترة ضابطاً صغيراً في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، ونظراً لأني أجيد التحدث بلغات أجنبية، تم إلحاقي بوفود لمنظمات يهودية وغير يهودية حلت على “إسرائيل” من أجل تكوين انطباع إزاء ما يحدث ، وأتذكر أنهم كانوا يرسلونهم تحديداً إلى قرى المهاجرين من جبال أطلس ، فقد كانوا يعيشون في ظروف صعبة داخل مغارات وقرى نائية، دون وجود تعليم أو خدمات أساسية ، وكان الهدف هو إظهار كيفية تحسن أوضاعهم مع هجرتهم “لإسرائيل” ، ولكن الملاحظة الهامة، هي أن المواطنين غير اليهود كانوا يعيشون بالضبط في هذه المنطقة وفي نفس الظروف ، وكان عدد الجالية اليهودية لا يزيد عن 6% من إجمالي يهود المغرب ، كانت معظم الجالية اليهودية تعيش في المدن وتدرس وتزدهر ، إضافة إلى أن معظم اليهود كانوا يتحدثون العبرية هناك” ، وقد أدى فرض الحظر على الهجرة إلى بدء عصر جديد للهجرة السرية، رغماً عن أنف السلطات المغربية تحت قيادة الموساد.
وكانت عملية تهجير يهود يعيشون في القرى الجنوبية النائية أصعب من تهجير أشقائهم الذين يعيشون في المدن الكبرى ، وحتى يتسنى التغلب على هذه المشكلة، تم منح مهاجري القرى زياً يتماشى مع آخر صيحات الموضة وبعض من المال، حتى يثبتوا لأفراد الشرطة عند الحدود أنهم يستطيعون السفر جواً أو بحراً إلى أوروبا ، وبدلاً من “زكائب” الملابس التي كانت ممتلئة عن آخرها، تم تزويدهم بحقائب وأعطيت كل أسرة اسماً وهمياً لأحد الأقارب الذي ينتظز قدومهم في أوروبا.

بن بركة يلتقي بنائب رئيس الموساد:
وقد التقى يعقوف كروز نائب رئيس “الموساد” ومسئولين “إسرائيليين” آخرين مع مهدي بن بركة، زعيم المعارضة المغربية المنفي. طلب بن بركة الحصول على مساعدة مادية، وأسلحة إن كان في الامكان، من أجل نضاله ضد القصر الملكي. وفي المقابل، تعهد للإسرائيليين بحرية التنقل وحقهم في تهجير يهود المغرب. وعندما وصلت أنباء تلك اللقاءات إلى القدس، أمر رئيس الحكومة بن جوريون بإبلاغ الحسن بتفاصيل مؤامرة بن بركة ضده. ولم ينسى الحسن هذا الجميل بعدما تقلد مقاليد الحكم.
وقدم “ألكس جتمون” نفسه إلى السلطات المغربية كوكيل للموساد قائلاً إنه مفوض للتفاوض حول عقد صفقة بشأن اليهود. وقد نُظمت له ستة لقاءات مع مبعوثي الملك في المغرب وفرنسا وسويسرا. ولكن المبعوثين طالبوا بوقف عمليات التهجير السري لأنها ستببب حرجاً شديداً للملك. كما طُرح في تلك اللقاءات مطلب بدفع تعويض مادي عن الأضرار التي ستتكبدها المغرب نتيجة تهجير اليهود. وفي نهاية المطاف، عقدت صفقة مع محمد أوفكير المسئول عن الأجهزة السرية في المغرب نصت على أن يدفع رجال الموساد 250 دولاراً مقابل كل يهودي يتم تهجيره من المغرب- أي حوالي 20 مليون دولاراً مقابل 80 ألف يهودي.

الموساد يساعد المغرب في تشكيل وحداته الخاصة:
العلاقات مع القصر الملكي لم تنته حتى بعد تهجير اليهود. بل على العكس: فقد أبدت كلا الدولتين رغبتهما في مساعدة بعضهما البعض. فعلى سبيل المثال، عندما طلب المغاربة من الموساد تقديم مساعدة لإقامة وحدة حراسة الشخصيات تم إرسال يوسِف شاينر إلى المغرب، والذي يعتبر أحد كبار حراس بن جوريون، وأعطى المغاربة دورة تدريبية في الحراسة. ومع نشوب الحرب بين المغرب والجزائر سنة 1963، تحولت العلاقات بين كلال الدولتين إلى مصالح. فعندما توجه وفداً عسكرياً مصرياً إلى الجزائر، وتعهد بمد المقاتلين بالأسلحة، قرر رئيس الموساد مائير عاميت أن يقترح على المغرب التعاون عسكرياً، وتوجه إلى المغرب لمقابلة الملك الحسن حاملاً جواز سفر مزيف. وبعد وقت قصير على وصوله إلى الفندق، التقى لأول مرة مع محمد أوفكير الذي قال لهلقد سمعت كثيراً عنك، وإنني معجب بدولتكم، وأحيكم على جرأتكم“.
وفي غداة اليوم التالي، التقى عاميت والملك في خيمة بمراكش ، وتحدث الحسن بالفرنسية، وكان يعقوف كروز نائب عاميت يترجم له الحديث الذي دار بينهما ، وبعد التحدث عن التغيرات التي حدثت في الشرق الأوسط خلال الأشهر الأخيرة، أكد عاميت على المساعدة العسكرية التي تقدمها مصر إلى الجزائر في حربها ضد المغرب. وفي هذا المجال، كان ملف المخابرات “الإسرائيلية” كاملاً. ومع نهاية اللقاء أخبر عاميت الملك “أننا نستطيع تقديم المساعدة ونرغب في المساعدة”.
محطة دائمة للموساد في الرباط:
لضرورة تحسين مستوى المساعدات “الإسرائيلية”، سمح أوفكير للموساد بإنشاء محطة دائمة في الرباط، داخل منزل محاط بالحراسة يوجد به جهاز لاسلكي لتسهيل الاتصال بإسرائيل. وخلال فترة الحرب مع الجزائر، اعتاد عاميت مقابلة الملك ثلاث أو أربع مرات سنوياً. وبوجه عام، التقي الاثنان عشرة مرات تقريباً، وكان التعاون مفيداً للطرفين. فقد استفادت إسرائيل بشدة عندما أسرت المغرب ضباط وجنود مصريين، وحصلت منهم على معلومات. بينما استفادت المغرب من مرشدين “إسرائيليين” في سلاح الجو “الإسرائيلي”، دربوا طيارين مغاربة على “طائرة ميج 17″ ، وبعد ذلك، باعت “إسرائيل” إلى المغرب دبابات فرنسية كانت تمتلكها وأرسلت ضباط مدرعات لتدريب المغاربة على استخدامها. وكان الشرط المغربي الوحيد عدم وجود أي علامة “إسرائيلية” على الدبابات، وعدم الإشارة في المستندات إلى أنها من إسرائيل. وتم الاتفاق على بيع الدبابات إلى المغرب عن طريق إيران. ولهذه الضرورة، توجه عاميت إلى طهران وحصل على موافقة الشاه الإيراني. وبالاتساق مع ذلك، تم شراء سفينة نقل في مالطا أبحرت إلى مصر، وأجريت عَمرة لها في الأسكندرية، ثم توجهت إلى حيفا. وهناك تم تنظيف الدبابات وأزيلت منها كل ما يدل على هويتها “الإسرائيلية”.
كما استفادت “إسرائيل” من وجود المرشدين “الإسرائيليين” في مدرسة المدرعات المغربية، حيث كانت توجد دبابات سوفيتية في تلك القاعدة من النوع الذي منحه الاتحاد السوفيتي إلى مصر وسوريا: “وقد فحصها “الإسرائيليين” ودرسوا فنياتها. وفي المقابل، ساعد الموساد في تنظيم أجهزة المخابرات المغربية وقدم معلومات للملك حول أنشطة زعماء المعارضة الذين طلبوا حق اللجوء في مصر ودول عربية أخرى. وقد اشترت المغرب من “إسرائيل” أسلحة وتزودت سفن الصيد بأجهزة الكترونية “إسرائيلية” من أجل حراسة السواحل ومنع عمليات التسلل الكثيرة.

ساعدونا في اغتيال بن بركة:
على مدار السنين، أجر مسئولين من كلا البلدين كثير من الزيارات الودية المتبادلة. حيث أرسلت “إسرائيل” إلى المغرب ساسة ورجال أعمال، وكانت هناك ثمار لتلك العلاقات. فكل مرة يطلب فيها من إسرائيل تقديم مساعدات استخباراتية بشأن التجسس على الدول العربية، كان الموساد يطلع على تلك المعلومات ، وهناك مثال واضح على الاستفادة “الإسرائيلية” سنة 1965: حينما عقدت قمة عربية في كازبلانكا لتشكيل قيادة مشتركة إزاء نشوب أي حرب مستقبلية مع إسرائيل، وقد سمح المغاربة “للإسرائيليين” بمتابعة فعاليات القمة عن قرب ، وخلال القمة، قال رؤساء هيئة أركان الجيوش العربية لحكامهم إن جيوشهم ليست على استعداد لخوض حرب مع “إسرائيل”- سواء من ناحية التسليح أو الكفاءة. كانت هذه المعلومة أساس الهجوم “الإسرائيلي” في يونيو 1967 ونشوب “حرب الأيام الستة” (حرب67)، وزيادة ثقة قادة الجيش الإسرائيلي بأن إسرائيل ستنتصر بالضربة القاضية.ولكن بعد وقت قصير، طلب المغاربة الحصول على مقابل لهذه المعلومة ، وخلال المحادثات التي جرت مع رئيس الموساد عاميت وعدد من مساعديه، قال أوفكير ونائبه أحمد دليمي إن بركة يريد الإطاحة بالملك، وطلبا “مساعدة الموساد لإخراجه من اللعبة” ، قال مائير عاميت إن إسرائيل لا تساعد في اغتيال خصوم سياسيين، لكنها ستبذل قصارى جهدها لمساعدة المغرب بشكل غير مباشر ، و نقل هريئيل مطلب المغاربة إلى رئيس الوزراء أشكول، وقرر الاثنان عدم تقديم مساعدة مباشرة، على أن تقدم لهم المساعدة طالما أنها “في إطار التعاون المعتاد بين أجهزة المخابرات” ، ولم يستطع أوفكير ودليمي العثور على بن بركة، الذي تنقّل بين دول العالم واتخذ وسائل حماية لازمة لتفادي تعقبه. وقد أسهم الموساد في تقديم طرف الخيط الذي مكنهم من العثور عليه، حيث استطاع عملاء الموساد معرفة عنوانه في جنيف، وأعطوه إلى المغاربة الذين راقبوه 24 ساعة في اليوم على مدار أسبوعين إلى أن ظهر الهدف.
كما استعان المغاربة بخدمات الصحفي الفرنسي جورج بيجون، الذي وافق على إغراء بن بركة. اقترح بيجون على الأخير أن ينتج عنه فيلماً حول “أنشطته المعقدة” في دول العالم الثالث. وقد بلع بن بركة هذا الطعم وتوجه لمقابلة بيجون في باريس الأمر الذي كلفه حياته ، ولم يكتف المغاربة بمساعدة “إسرائيل” في تعقب بن بركة. ففي 12 أكتوبر، طلب دليمي من بن بركة الحصول على لوحات سيارة مزيفة. توجه مائير إلى الرباط في الـ25 من أكتوبر. وعندما عرض أوفكير ودليمي عليه قضية بن بركة، قال عاميت إن الموساد يشعر بأن المغاربة ليسوا على استعداد لتنفيذ هذه العملية، واقترح عليهم تأجيلها بضعة أشهر. ولكن دليمي رفض هذا الاقتراح، قائلاً إن العملية قد بدأت بالفعل ويصعب وقفها.
في 29 أكتوبر سنة 1965، اختُطِف بن بركة في باريس، ومنذ ذلك الحين لم يراه أي شخص، حتى قام عاميت بإبلاغ أشكول في الخامس من نوفمبر باغتيال بن بركة. وتفاصيل هذا العمليّة يكشف عنها سيجف في كتابه لأول مرة ، وقد تبين أن بن بركة توجه من جنيف إلى باريس حاملاً جواز سفر دبلوماسي جزائري ، وبعدما وضع أغراضه في منزل صديقه اليهودي المغربي “جو أوحانا”، توجه إلى مطعم “براسري ليب”، الواقع على الضفة الشمالية لنهر السين. وكان من المقرر مقابلة الصحفي الفرنسي هناك. لكن قبل مجيئه، قام شرطيين فرنسيين يرتديان زياً مدنياً باختطافه، واقتاداه في سيارة إلى فيلا تقع في إحدى الضواحي جنوبي باريس.
وكان دليمي وعدد من مساعديه في الفيلا. ويبدو أن دليمي لم يقصد قتل المعارض المغربي: حيث أراد فقط اجتثاث اعتراف بأنه تآمر لإسقاط الملك. لكن عندما ركع بن بركة على ركبتيه، وكانت يديه مقيدة خلف ظهره، أغرق دليمي رأسه في وعاء ماء. وفي مرحلة معينة، ضغط بشدة على شرايين عنقه إلى أن مات. بعد مرور بضعة أيام، دُفن بن بركة سراً تحت عمارة قيد البناء في باريس. وقد أشرف أوفكير على عملية الدفن وحرص على عدم ترك أي آثار ، وأثارت تلك القضية غضب الرئيس الفرنسي شارل ديجول.
فحقيقة أن بن بركة تم اختطافه من سط باريس في عز النهار، وبمساعدة فرنسيين، لم تجعله يشعر بالراحة. وقد دفعه ذلك الأمر إلى إقالة عدد من أفراد أجهزة المخابرات الفرنسية، وطالب بإقالة دليمي وأوفكير من منصبيهما. وعندما رفض المغاربة مطلبه، قطع ديجول كافة العلاقات الدبلوماسية مع المغرب.
وفي أعقاب الشكوى التي تقدمت بها أسرة بن بركة، بدأت الشرطة الفرنسية التحقيق في القضية، وطالبت بمحاكمة 13 شخصية، من بينها دليمي والصحفي بيجون، لكن معظم المتهمين وجدوا ملجأ لهم في المغرب ، وبسبب ظهور اسم الموساد في القضية، ساءت العلاقات الفرنسية “الإسرائيلية”. كما ألقت هذه القضية بظلالها على النظام الحاكم في “إسرائيل”. فقد سمع إيسار هريئيل، الذي أقيل من رئاسة الموساد وخلفه مائيرعاميت، عن عملية الاغتيال من الوزير جليلي. وقد طلب الحصول على ملف بن بركة من الموساد، وقرر استخدامه كأداة لإثارة غضب رئيس الوزراء ورئيس الموساد. طالب هريئيل بتشكيل لجنة تحقيق رسمية لإقالة أشكول وعاميت. وتم تشكيل لجنتين إحداهما داخلية من حزب “مباي”. حاول الوزير جليلي، أحد أعضاء اللجنة الداخلية، العمل على إقالة عاميت، الذي قال إنه إذا تمت إقالتي، فإنه يجب إقالة رئيس الوزراء، الذي صدق على كافة مراحل القضية. وتراجع جليلي عن هذا الأمر.
ويشير سيجف في كتابه إلى أن رئيس شعبة الاستخبارات في هيئة الأركان المغربية، أبلغ رجل الموساد “رافي ميدان” سنة 1973 عن اعتزام الملك الحسن إرسال قوة رمزية إلى سوريا لدعم الرئيس حافظ الأسد. وحينها، أخبر “ميدان” رؤسائه “الإسرائيليين”. وقد حذّر المغاربة “إسرائيل” من أن مصر وسوريا متّجهتان للحرب. لكن “الإسرائيليين” لم يأخذوا بهذا التحذير. يقول سيجف “لم يتضح حتى الآن ما إذا كان الموساد قد حفظ هذا التحذير، أم أنهم تجاهلوه مثلما يحدث في حالات كثيرة بسبب ثقة شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” في عدم نشوب الحرب” .

الوساطة المغربية في السلام بين مصر و”إسرائيل”:في عام 1975، بدأ رئيس الحكومة إسحاق رابين يبحث عن آفاق لمبادرات سياسية جديدة في العالم العربي. وقد اقترح رئيس الموساد، يتسحاق حوفي، عقد لقاء مع ملك المغرب.
وفي أكتوبر 1976، استجاب الملك الحسن لطلب حوفي ووافق على مقابلة رابين. توجه رابين إلى باريس على متن طائرة عسكرية، بمرافقة رئيس الموساد وسكرتيره العسكري العقيد أفرايم بورون، حيث استقبله في المطار أحمد دليمي، ويوسِف بورات وكيل الموساد في الرباط، والذي كان بمثابة المترجم خلال تلك اللقاءات. وقد توجهوا جميعا إلى المغرب على متن طائرة المضيفين المغاربة ، وأجرى رابين لقائين اثنين مع الملك الحسن، الذي أعرب عن قلقه من التطرّف في العالم العربي خلال تلك الفترة. كان قلقاً من صعود الإسلام المتطرف في مصر، وحذر من أنه في حالة عدم حدوث تقدّم ملموس للتوصل إلى تسوية بين مصر و”إسرائيل”، فإن ذلك الأمر سيجعل الرئيس أنور السادات يعود إلى أحضان الاتحاد السوفيتي. وأسدى الملك نصيحة لرابين بالبدء في التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية، مشدداً على أنه دون التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط.
وقَبِل رابين تحليل الملك بالنسبة لمصر. وأكد على أن الطريق الوحيد لوقف التعصب الإسلامي في مصر هو التوصل إلى سلام مع “إسرائيل”. وفي ختام اللقاءات، أعطى رابين الملك ورقة تتضمن سؤالين موجّهان إلى الرئيس المصري: ماذا يطلب السادات في مقابل سلام شامل؟ وماذا يطلب في مقابل سلام جزئي؟ ، وعلى مدار أشهر طويلة، لم يدخر رئيس الموساد حوفي أي جهد للحصول على إجابة عن هذين السؤالين ، وفي يوليو 1977، التقى مع الملك الحسن ونائب رئيس الحكومة المصرية محمد حسن التهامي. وتقرر عقد لقاء بين التهامي ووزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك موشيه دايان ، وتوجه ديان إلى باريس في 16 سبتمبر من عام 1977، ومن هناك إلى الرباط على متن طائرة تابعة للقصر المكلي. وقد استغرق لقائه مع الملك نحو أربع ساعات. وينشر سيجف في كتابه لأول مرة جلسات محاضر هذا اللقاء، والتي أظهرت أن ديان لم يتعهد بانسحاب كامل من سيناء على لسان رئيس الوزراء آنذاك مناحم بيجن، حسبما زعم الكثيرون في الماضي. ومع ذلك، لا شك أن الخطوة التي فعلها الملك الحسن ورئيس الموساد حوفي أسفرت عن بداية الطريق المنتظر: بعد مرور شهرين فقط على الاجتماع، أعلن الرئيس السادات عن استعداده لزيارة القدس.

* باحث متخصص في الشئون الصهيونية.
“حقوق النشر محفوظة لموقع “قاوم”، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر”
..................................
محمد الصبار رئيس المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف: عمل هيئة المصالحة والإنصاف يحتاج إلى تنفيذ خصوصاً بالنسبة للمساءلة









توقع محمد الصبار رئيس المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب خلال الدورة الحالية للبرلمان، معتبراً أن هذه العقوبة “مشينة وبربرية وأشار إلى أن قضية اختطاف المهدي بن بركة لم يتحقق بشأنها أي جديد وكذلك بالنسبة لعمر بنجلون، وطالب الصبار الدولة بالاعتذار لذوي ضحايا المرحلة السابقة، ودعا إلى محاكمة المسؤولين عنها، وتالياً الحوار:






حاوره في الرباط: عبد الصمد بن شريف


ما الأسباب الحقيقية لعدم تفعيل وتطبيق توصيات هيئة الانصاف والمصالحة؟ من يتحمل المسؤولية؟


في ما يتعلق بتفعيل توصيات هيئة الانصاف والمصالحة، نحن في المنتدى المغربي للحقيقة والانصاف، قمنا بتصنيف هذه التوصيات، الى توصيات تتطلب التنفيذ الفوري والعاجل، وهي توصيات لا تحتاج الى جهد تشريعي وتكلفة مادية، بقدر ما تحتاج الى إرادة سياسية، مثل إلغاء عقوبة الإعدام، والمصادقة على نظام روما المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية، اضافة الى قضايا جبر الضرر، والنوع الثاني هو التوصيات التي تتطلب نوعا من النقاش الوطني والتفكير الجماعي، وهي توصيات تتعلق بملاءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية، والقيام ببعض الاصلاحات السياسية والدستورية التي تمس كافة السلط، التشريعية والتنفيذية والقضائية. وتوصيات تتطلب زمنا متوسطا لتفعيلها كموضوع الحكامة الأمنية، واصلاح المؤسستين اللتين ثبت أن لهما دورا في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي عاشها المغرب، وهما المؤسسة العسكرية وأجهزة المخابرات، لتصبح هاتان المؤسستان خاضعتين لرقابة البرلمان، وتحت وصاية ومسؤولية الحكومة، وحسب ما جاء على لسان رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الانسان ادريس بنزكري، بمناسبة انعقاد الندوة الدولية لمناهضة عقوبة الاعدام، أن المغرب مقبل على الغاء هذه العقوبة على الأقل قبل نهاية الولاية التشريعية للبرلمان الحالي، والمصادقة على نظام روما المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية، ونعتقد بأن هذا الأمر مكسب حقيقي بالنسبة لنا كحركة حقوقية، ونتمنى أن تكون هاتان المبادرتان بداية لسلسة تفعيل توصيات هيئة الانصاف والمصالحة.






هل تعتبرون ما قامت به هيئة الانصاف والمصالحة عملا كافيا لتضميد جراح الماضي وتحقيق المصالحة مع التاريخ؟


في الواقع الهيئة قامت بمجهود، لكن في تقديرنا لا تزال هناك مجموعة من القضايا العالقة، والهيئة اعتبرت، عند اعلانها تقريرها النهائي، أن هذا الملف لا يزال مفتوحا، على الأقل في ما يتعلق ببعد الحقيقة وتنفيذ التوصيات، نحن نعتبر أن تنفيذ هذه التوصيات، التي تشكل البعد السياسي في موضوع معالجة ملف انتهاكات حقوق الانسان، سيكون مدخلا لانتقال ديمقراطي حقيقي ببلادنا، يبقى موضوع المساءلة وهو بالنسبة لنا مسألة مبدئية أولا، وثانيا أن مسألة عدم مساءلة المسؤولين عن الانتهاكات التي وقعت، أمر لا يستقيم وقواعد الانصاف والعدل، علما أن تحديد المسؤوليات جزء لا يتجزأ من الحقيقة، أكثر من ذلك أنه ثبت أن السبب الحاسم والجوهري، في استمرار انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في بلادنا على مدى زمني يصل الى أربعة عقود من الزمن، هو الإفلات من العقاب، وبذلك نعتبر أن المساءلة ستعيد الاعتبار أولا للقواعد القانونية، ستعيد الاعتبار لموضوع مساواة الجميع أمام القانون، ستحرر ذاكرة الضحايا، لأن ذاكرة الضحايا ذاكرة مزدحمة بالاتهامات، ولذلك نعتقد بأن المساءلة ستحرر هذه الذاكرة.







كيف كان يمكن لهيئة الانصاف والمصالحة أن تحقق مسألة المساءلة، خاصة أن الهيئة كانت تعتبر بأنها لا تتوفر على الاختصاص القضائي الذي يخولها


محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان؟



أولا هناك نوع من التغليط في هذا الطرح، نحن لم يسبق لنا أن طرحنا مهمة المساءلة على هيئة الانصاف والمصالحة، لأنها ليست هيئة قضائية، شأنها في ذلك شأن كافة لجان الحقيقة في العالم، وبالتالي لا يمكن أن تحل محل القضاء، لكن ما جرى به العمل في العديد من التجارب، هو أن لجان الحقيقة عندما تقوم بتحديد المسؤوليات الفردية والجماعية والمؤسساتية، تحاول أن تجد نوعا من القنوات مع الجهاز القضائي، وتمكنه مما تمكنت من تجميعه من معطيات ودلائل تتعلق بضلوع أفراد أو جماعات أو مؤسسات في ما جرى، والجهاز القضائي هو الذي يتولى التحقيق. نحن طبعا في مطالبتنا بالمساءلة لا تحكمنا خلفية انتقام، أبدا، نحن ليس لنا أي اعتراض بأن يحاسب هؤلاء المسؤولين في حالة سراح، وأن تمنح لهم كافة الضمانات، وأن تحترم في محاكمتهم كافة اجراءات المحاكمة العادلة، وأن يصدر القضاء أحكامه في الموضوع، ولا نعترض على أي عفو بعدي، ليس لنا أي اعتراض. لأن الحقائق القضائية هي أرقى من الحقائق الواقعية، خاصة أننا في المغرب مادام الجميع يقول إننا نعيش ديمقراطية فتية وهشة، وبالتالي فإن أوضاعا من هذا النوع تقتضي إعمال مبدأ المساءلة، واسترجاع ثقة الضحايا، وثقة المجتمع المغربي بنظام العدالة في بلادنا.






إذاً أنتم تلحون على مسألة تحديد المسؤوليات وتجريم المسؤولين، أكثر مما تطالبون بمعاقبتهم؟


في الحقيقة لا يمكن أن تكون هناك مساءلة من دون عقاب، فلا بد من محاكمة المسؤولين، وتحديد المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية، وحتى المسؤولية السياسية، ونعتقد بأن مثل هذه المحاكمات ستعيد الاعتبار للضحايا والمجتمع، وحينها يمكن أن نقول إننا دخلنا في مرحلة لا يمكن السماح فيها بتكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، ولا يمكن السماح بإفلات المسؤولين من العقاب.





أنتم في المنتدى المغربي للحقيقة والانصاف تعتبرون أن الإرادة السياسية الحقيقية لطي صفحة الماضي لم تتوفر بعد، فما المداخل التي تعتبرونها ضرورية لتحقيق ذلك؟



كما يعلم الجميع أن لجان الحقيقة التي أنشئت في العديد من التجارب الوطنية، أنشئت بالموازاة مع تجارب للانتقال نحو الديمقراطية، سؤال الماضي للأسف في المغرب، طرح ضمن نفس النسق الدستوري والسياسي، ونفس النظام ونفس التشريعات، وأحيانا نعالج هذا الموضوع مع وجوه لها مسؤولية في ما حدث من انتهاكات، وهذا يعطي للمغرب تجربة خاصة ويشكل عامل تعقيد بالنسبة الينا، وفي موضوع المساءلة هناك ما عرفته اسبانيا في العهد الدكتاتوري من فظاعات، لم يفتح هذا الملف، لكنه مفتوح الآن لكن من زاوية الذاكرة، الاسبان قاموا بعملية مقايضة، بمعنى أنه كان هناك رهان على ربح نظام ديمقراطي، وبالتالي تم نسيان هذا الماضي مؤقتا. في جنوب افريقيا كان هناك عفو مشروط، حيث كان الجلادون ملزمون بأن يتقدموا الى لجان الحقيقة بجنوب افريقيا، وأن يقدموا ما لديهم من معلومات، تساهم في الكشف عن الحقيقة، وبأن يلتزموا بعدم تضليل لجنة الحقيقة، ويقدموا اعتذارا للضحايا، وبعد ذلك يتقدمون بطلباتهم بشأن العفو الى لجنة خاصة التي تدرس هذه الطلبات، المسؤولون الذين رفضوا الامتثال للجنة الحقيقة، تمت محاكمتهم ومساءلتهم. إذاً الموضوع معقد وشائك، لكن بالنسبة لنا نحن كضحايا لا يمكننا أن نتنازل عن مطلب المساءلة ولا يمكن أن نتفاوض عليه، ربما هناك قوى سياسية أخرى يمكن أن تفتح باب المفاوضات لإيجاد مخارج ممكنة في هذا الموضوع، والأساسي من كل هذا هو ألا يتكرر ما وقع في الماضي.



تعتبرون تقديم الدولة لاعتذار شرطاً أساسياً لتحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة، ماذا تقصدون بالدولة؟ هل شخص الملك، ألا يكفي أن تعتذر الحكومة على لسان الوزير الأول؟


فعلا الاعتذار هو جزء من جبر الضرر، الدولة المغربية اعترفت ضمنيا، وصراحة بما وقع في بلادنا، أولا من خلال هيئة التحكيم التي قامت سابقا بصرف تعويضات للضحايا، ومن خلال ما أنجزته هيئة الانصاف والمصالحة، من خلال جلسات الاستماع العمومية التي تم بثها في وسائل الاعلام المرئية، هذا الأمر غير كاف، بل لا بد أن يكون هناك اعتذار واضح وصريح للضحايا والمجتمع، والاعتذار وان كان له شكل رمزي، الا أنه يمثل ترجمة حقيقية لوجود ارادة سياسية حقيقية لطي ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان. الجهة التي يجب أن تقدم الاعتذار، نحن في المنتدى، ومنذ التأسيس، في وثيقتنا الأساسية التي فيها بعض المعايير الأساسية لمعالجة ملف الانتهاكات، لم نحدد الجهة، وتعمدنا ذلك، متبنين لصيغة مرنة، وقلنا إن الاعتذار يجب أن يصدر عن الدولة، ومن الناحية الدستورية والسياسية والقانونية، الملك يعد الممثل الأسمى للأمة، والوزير الأول يمثل الدولة من الناحية السياسية والقانونية، لأن الدعاوى التي ترفع في المحاكم الادارية ترفع ضد الوزير الأول، اذا كان الاعتذار من الملك فهذا أمر جيد في تقديري الشخصي، واذا كان الاعتذار من طرف الوزير الأول فسنتعاطى مع هذه الصيغة بحسب مضمون الاعتذار.






في نظركم لماذا لم تحقق هيئة الانصاف والمصالحة تقدما في ملف اختطاف المعارض اليساري المهدي بن بركة؟ ولماذا لم تطرح الهيئة ملف المعارض المغتال عمر بنجلون؟


للأسف أن الهيئة لم تأت بأي جديد في الملفات الكبرى، وعلى رأسها ملف المهدي بن بركة. ما توصلت اليه الهيئة تقريبا هو نفس المعلومات التي تتوفر عليها عائلة الشهيد المهدي بن بركة والحركة الحقوقية، وما تم نشره في بعض المذكرات من طرف من ساهموا أو من كانوا على مقربة من ملابسات اختطاف المهدي في 29 أكتوبر/تشرين الأول ،1965 بالنسبة لعمر بنجلون لم يذهب البحث والتحري الذي قامت به الهيئة لحدوده القصوى، وتم الارتكان الى ما تم انجازه من طرف الضابطة القضائية في المحاكمة، علما أنه في هذه المحاكمة تم سحب أحد المحاضر من ملف المحاكمة، وأثار هذا الأمر حينها ضجة كبرى. نعلم جميعا أن قرار اختطاف المهدي بن بركة، في تقديري، هو قرار مغربي خالص، ونفذ بمساعدة لوجستية من طرف أجهزة مخابرات أخرى، خاصة الفرنسية، والمخابرات الأمريكية، وبطبيعة الحال الموساد “الاسرائيلي”، الهيئة توصلت الى أن هناك نوعاً من الاشتباه في أحد الأجهزة، الأمر ليس باشتباه، بل هو ضلوع حقيقي، للاعتبارات التالية: الملك الراحل الحسن الثاني سبق له في كتاب “ذاكرة ملك”، في أكثر من فقرة أن تحدث عن هذا الموضوع، وصرح أن الجنرال محمد أوفقير متورط في عملية الاختطاف، وأوفقير تمت ادانته سابقا من طرف القضاء الفرنسي بالسجن المؤبد، ورغم ذلك لم يقم المغرب بتسليمه، وشغل رغم ذلك، مسؤوليات وزارية وسياسية كبرى في المغرب الى حدود الانقلاب العسكري، بعض المرتزقة الذين ساهموا في اختطاف المهدي، دخلوا الى المغرب ومنحت لهم امتيازات، وتمت تصفيتهم فيما بعد، الأمر واضح بالنسبة لنا، في ما يتعلق بقرار الاختطاف، وفي ما يتعلق بتنفيذ الاختطاف، لكن هناك تفاصيل أخرى


غائبة في ما يتعلق بتصفية المهدي بن بركة، ومصير جثته.


هناك من يتهم السلطات المغربية بأنها تعرقل سير ملف المهدي في المنحى الايجابي، وتأكد ذلك عندما وجه القضاء الفرنسي في اطار الانابة القضائية، استدعاء للجنرال حسني بن سليمان للمثول أمام المحكمة، رفضت السلطات المغربية ذالك بدعوى أنها تجهل محل سكنى المطلوبين.






بين الحين والآخر كثير من المنظمات الدولية تصدر تقارير تشير الى وجود خروق في مجال حقوق الانسان بالمغرب، فيما السلطات المغربية تنفي ذلك. من يملك الحقيقة؟



في الحقيقة لا يمكن القول إن مغرب اليوم هو مغرب الستينات أو السبعينات، هناك تطور وتحسن ملحوظان في مجال حقوق الانسان، للأسف هذا المجال مازال هشا، وقابلا للتقهقر في أي مرحلة يشتد فيها الاحتقان السياسي، والدليل على ذلك ما وقع في أحداث 16 مايو/أيار ،2003 اذ عادت مجموعة من الظواهر المخجلة، كالاختطاف والتعذيب، والمحاكمات غير العادلة، وأنا شخصيا أعتقد أننا لا يمكن أن نختبر مدى احترام الدولة لحقوق الانسان، وتوفرها على ارادة اعمالها، الا في الفترات الصعبة.






يشهد المغرب حراكا مدنيا وحقوقيا في اتجاه الغاء عقوبة الإعدام، هل تعتقدون بأن السلطات المغربية تتعامل بجدية وايجابية مع هذا الحراك؟


أولا يجب أن نسجل أن المغرب لم ينفذ عقوبة الاعدام منذ ،1993 وهذا مؤشر ايجابي، علما أن الملك الراحل الحسن الثاني، سبق له أن منح العفو للمحكومين بالاعدام، ومنحهم السجن المؤبد عوض ذلك، وهذا أيضا مؤشر، للأسف أن بقية المؤسسات، وخاصة المؤسسة القضائية، لم تتفاعل مع هذه المؤشرات، ولاتزال بعض المحاكم تصدر أحكاما بالاعدام وأخص بالذكر محكمة الاستئناف بالجديدة(جنوب محافظة الرباط )، نحن لنا موقف مبدئي من هذه العقوبة التي نعتبرها مشينة وبربرية، ونوعاً من القتل باسم الضمير الجمعي والمصالح الكبرى للدولة، وباسم احترام حقوق الانسان، فهذه العقوبة تمس أحد أسمى حقوق الانسان، وهو الحق في الحياة من جهة، من جهة ثانية هذه العقوبة تصدر عن هيئة قضائية، والقضاء بشر يحتمل دوما الخطأ القضائي، وهو ما وقع بالخصوص في الولايات المتحدة، وفي كثير من البلدان، واذا نفذ حكم الاعدام لن تبقى أية فرصة للتدارك، من جهة ثالثة هذه العقوبة استخدمت في تصفية المعارضين السياسيين، خاصة في الأنظمة التسلطية والاستبدادية، ورابعا تبين بالاحصاءات العلمية، أن هذه العقوبة ليس لها أي مفعول ردعي، ففي الصين وايران، اللتين تعاقبان بالاعدام في الجرائم المتعلقة بالمخدرات، ثبت أن هذه الجرائم في تصاعد ملموس، وبالتالي نعتقد أن هذه العقوبة تتناقض تماما مع أنسنة العقاب، لأن الهدف من العقوبة ليس الردع فقط، وانما الاصلاح، بادماج المجرمين في المجتمع وتأهيلهم لذلك، بعد قضاء عقوباتهم.






شهدت الساحة الاعلامية في الآونة الأخيرة عددا من المتابعات القضائية في حق عدد من الصحف والمجلات كمجلة نيشان، و”لوجرنال”، هل يعني هذا تضييقا على حرية الصحافة، أم أنها اشارات من السلطة لتتحمل الصحافة مسؤوليتها، وتجنب الاساءة لحرمة الأفراد والمؤسسات؟


أولا، هناك تطور في المشهد الصحافي بالمغرب بصفة عامة، من خلال العناوين المطروحة في السوق الاعلامية، ومن خلال محاولة بعض الصحافيين اختراق ما تسمى الخطوط الحمراء، هناك تطور يتعلق بتناول الصحافة لعدد من القضايا، التي كانت في الأمس القريب تدخل في عداد المقدس والتابو، ويمكن القول أن ما يجري على أرض الواقع، هو أكثر تقدما مما هو مدون في النصوص، فقانون الصحافة لا يزال يتبنى عقوبات سجنية، ولا تزال فيه قيود وخطوط حمراء، وهذا يفسر أن ما نعيشه اليوم من هامش واسع من الحرية، لا يدخل في اطار ما هو معترف به قانونا ودستورا، وهذا ما يمكن أن نفسر به لجوء الدولة أحيانا بصفة مباشرة أو عبر وسطاء، الى محاصرة الصحافيين، والى منع بعض الصحف، وتقليم أظافر بعض المنابر الاعلامية، والحكم عليها بغرامات مالية خيالية ستؤدي لا محالة الى اعدامها، إذاً لا يزال هناك تأرجح في التعامل مع الاعلام بصفة عامة، ولكن هذا نتحدث فيه عن الاعلام المكتوب، المستقل والحزبي، لكن في الاعلام العمومي، وان كنا نلاحظ في السنين الأخيرة نوعا من الانفتاح، تجاه معارضين، وتجاه توجهات أخرى مضادة للتوجه الرسمي، الا أننا لم نصل بعد الى مستوى اعلام عمومي يشكل بورصة لتداول الأفكار والقيم والاختلافات، سواء كانت جماعية، أو كانت اختيارات شخصية.
......................


فكم من غائب حاضر بفكره وإنجازاته..وكم من حاضر غائب حتى ولو ملأ السماء خطبا وتصريحات!













لأسئلة الموجهة للشهيد المهدي بنبركة قبل اغتياله 08 novembre 2007 - zoom نشرت هذه الوثيقة في جريدة الاختيار الثوري عدد مارس 1977 الأسئلة الموجهة للشهيد المهدي بنبركة قبل اغتياله نص الوثيقة التي عثر عليها ضمن أوراق المتهم " جورج فيكون" الذي وجد مقتولا في بيته . وهي عبارة عن مجموعة الأسئلة التي هيئت لتطرح على الشهيد المهدي بنبركة. 1- لم تعلن الحكومة المغربية أبدا أن التظاهرات التي جرت في الدار البيضاء (23 مارس 1965 ) كانت بوحي من جهات أجنبية ، فهل جرت تلك التظاهرات بوحي من الجهات المذكورة فعلا أم أن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية هو الذي نظمها ودفع الأساتذة والطلاب إلى خط النار ؟ 2- إنك تعرف أن الاتحاد المغربي للشغل نظم سلسلة من الإضرابات بعد تظاهرات مارس مباشرة ، فهل كان الغرض من هذه الإضرابات دعم التظاهرات أم أنها كانت ستارا لتغطية موقف الاتحاد المغربي للشغل أمام الجماهير؟ 3- صحيح أن المدن الأخرى لم تستطع تنظيم تظاهرات مماثلة ربما نتيجة للإجراءات الصارمة التي استخدمت في الدار البيضاء ، ولكن النزاع المغربي الجزائري على الحدود في الوقت نفسه كان من الممكن أن يخيب آمال القوات الملكية الأمر الذي ربما أدى إلى قلب النظام القائم بالمغرب. وكان من الممكن للقوات المغربية في الجزائر أن تتدخل على الأقل لحماية الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والتظاهرات فإلى أي حد في رأيك دعم بنبلة هذه القوات؟ 4- ما هي آخر أوضاع الجيش المغربي في الجزائر ، وهل تعتقد أن الرئيس بومدين سيؤيد هذا الجيش كما أيده بنبلة؟ 5- هل الجزائر وحدها هي التي تزود هذا الجيش بالأموال اللازمة؟ وكيف يجري تدريب الجيش المذكور؟ 6- إذا قطع الرئيس بومدين مخصصات هذا الجيش فإلى أين سيتوجه ؟ وما هو البلد الذي سيلعب دور الجزائر؟ 7- هل صحيح أن الجمهورية العربية المتحدة تزود الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بمساعدات غير مشروطة ؟ 8- بالإضافة إلى الصحافة و الإذاعة من أين تحصلون على معلوماتكم عن أوضاع المغرب وأحواله ؟ 9- هناك إشاعة تقول أن تقاربا حدث في الشهر الأخير بين الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وأن من الممكن أن يشترك الحزب في حكومة ائتلافية فما رأيك في ذلك؟ 10-من جهة أخرى هل أنت مع اتفاق تام مع الزعماء الآخرين للاتحاد الوطني للقوات الشعبية حول ضرورة سحق النظام الملكي ؟ وهل تحافظ على الاتصال المستمر معهم؟ 11-ما هو على وجه الدقة وضع الاتحاد المغربي للشغل في رأي حزبك ؟ وهل باستطاعة المحجوب بن الصديق الموافقة الكاملة على إسقاط النظام؟ 12-هل أنشأت منظمات عسكرية سرية خارج الحزب لإضعاف النظام الملكي ؟ و من يدير هذه المنظمات؟ 13-من يقود هذه المنظمات ومن يصدر الأوامر لها؟ وإذا كانت قائمة فعلا فلماذا لم تمارس نشاطاتها ؟ وهل تتمتع هذه المنظمات بتأييد الشخصيات المدنية والعسكرية البارزة في المغرب؟ 14-هل تآمرت ذات مرة لاغتيال الملك الحسن الثاني وفي أية مناسبة ؟ هل توافق على مثل هذه المحاولة في الحاضر؟ 15-هل خزنت أسلحة في المغرب لمساعدتك على تنظيم ثورة مسلحة ؟ 16-ما هي أنواع المساعدات التي تحصل عليها من الدول الاشتراكية العربية الأخرى؟ 17-ما هي على وجه التحديد طبيعة علاقتك الأخيرة بالرئيس الجزائري بومدين؟ هل ما يزال على استعداد لتزويدك بنفس التأييد الذي كنت تلقاه من بن بلة؟ 18-هل تعتقد بوجود إمكانية للاتفاق مع الحسن الثاني ؟ وإذا كان هذا الاتفاق ممكنا فعلى أية شروط؟ 19-هل حصلت على تأييد بعض ضباط الجيش الملكي الذين يستطيعون بناء على أوامرك القيام بانقلاب عسكري في المغرب؟ 20-هل حصلت أيضا على تأيد بعض ضباط الشرطة؟ 21-ما هي مشاريعك السياسية المستقبلية؟ 22-هل تعتقد أن الزعماء الآخرين للاتحاد 23-ماذا فعل هؤلاء الزعماء في الخارج ؟ الوطني للقوات الشعبية قادرين على تنظيم الجماهير وحشدها ضد النظام الملكي ؟ 24-عدد أسماء رؤساء الدول الذين يؤيدون حركتك الثورية
Source : http://www.oujdacity.net/international-article-7979-ar/
لأسئلة الموجهة للشهيد المهدي بنبركة قبل اغتياله 08 novembre 2007 - zoom نشرت هذه الوثيقة في جريدة الاختيار الثوري عدد مارس 1977 الأسئلة الموجهة للشهيد المهدي بنبركة قبل اغتياله نص الوثيقة التي عثر عليها ضمن أوراق المتهم " جورج فيكون" الذي وجد مقتولا في بيته . وهي عبارة عن مجموعة الأسئلة التي هيئت لتطرح على الشهيد المهدي بنبركة. 1- لم تعلن الحكومة المغربية أبدا أن التظاهرات التي جرت في الدار البيضاء (23 مارس 1965 ) كانت بوحي من جهات أجنبية ، فهل جرت تلك التظاهرات بوحي من الجهات المذكورة فعلا أم أن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية هو الذي نظمها ودفع الأساتذة والطلاب إلى خط النار ؟ 2- إنك تعرف أن الاتحاد المغربي للشغل نظم سلسلة من الإضرابات بعد تظاهرات مارس مباشرة ، فهل كان الغرض من هذه الإضرابات دعم التظاهرات أم أنها كانت ستارا لتغطية موقف الاتحاد المغربي للشغل أمام الجماهير؟ 3- صحيح أن المدن الأخرى لم تستطع تنظيم تظاهرات مماثلة ربما نتيجة للإجراءات الصارمة التي استخدمت في الدار البيضاء ، ولكن النزاع المغربي الجزائري على الحدود في الوقت نفسه كان من الممكن أن يخيب آمال القوات الملكية الأمر الذي ربما أدى إلى قلب النظام القائم بالمغرب. وكان من الممكن للقوات المغربية في الجزائر أن تتدخل على الأقل لحماية الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والتظاهرات فإلى أي حد في رأيك دعم بنبلة هذه القوات؟ 4- ما هي آخر أوضاع الجيش المغربي في الجزائر ، وهل تعتقد أن الرئيس بومدين سيؤيد هذا الجيش كما أيده بنبلة؟ 5- هل الجزائر وحدها هي التي تزود هذا الجيش بالأموال اللازمة؟ وكيف يجري تدريب الجيش المذكور؟ 6- إذا قطع الرئيس بومدين مخصصات هذا الجيش فإلى أين سيتوجه ؟ وما هو البلد الذي سيلعب دور الجزائر؟ 7- هل صحيح أن الجمهورية العربية المتحدة تزود الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بمساعدات غير مشروطة ؟ 8- بالإضافة إلى الصحافة و الإذاعة من أين تحصلون على معلوماتكم عن أوضاع المغرب وأحواله ؟ 9- هناك إشاعة تقول أن تقاربا حدث في الشهر الأخير بين الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وأن من الممكن أن يشترك الحزب في حكومة ائتلافية فما رأيك في ذلك؟ 10-من جهة أخرى هل أنت مع اتفاق تام مع الزعماء الآخرين للاتحاد الوطني للقوات الشعبية حول ضرورة سحق النظام الملكي ؟ وهل تحافظ على الاتصال المستمر معهم؟ 11-ما هو على وجه الدقة وضع الاتحاد المغربي للشغل في رأي حزبك ؟ وهل باستطاعة المحجوب بن الصديق الموافقة الكاملة على إسقاط النظام؟ 12-هل أنشأت منظمات عسكرية سرية خارج الحزب لإضعاف النظام الملكي ؟ و من يدير هذه المنظمات؟ 13-من يقود هذه المنظمات ومن يصدر الأوامر لها؟ وإذا كانت قائمة فعلا فلماذا لم تمارس نشاطاتها ؟ وهل تتمتع هذه المنظمات بتأييد الشخصيات المدنية والعسكرية البارزة في المغرب؟ 14-هل تآمرت ذات مرة لاغتيال الملك الحسن الثاني وفي أية مناسبة ؟ هل توافق على مثل هذه المحاولة في الحاضر؟ 15-هل خزنت أسلحة في المغرب لمساعدتك على تنظيم ثورة مسلحة ؟ 16-ما هي أنواع المساعدات التي تحصل عليها من الدول الاشتراكية العربية الأخرى؟ 17-ما هي على وجه التحديد طبيعة علاقتك الأخيرة بالرئيس الجزائري بومدين؟ هل ما يزال على استعداد لتزويدك بنفس التأييد الذي كنت تلقاه من بن بلة؟ 18-هل تعتقد بوجود إمكانية للاتفاق مع الحسن الثاني ؟ وإذا كان هذا الاتفاق ممكنا فعلى أية شروط؟ 19-هل حصلت على تأييد بعض ضباط الجيش الملكي الذين يستطيعون بناء على أوامرك القيام بانقلاب عسكري في المغرب؟ 20-هل حصلت أيضا على تأيد بعض ضباط الشرطة؟ 21-ما هي مشاريعك السياسية المستقبلية؟ 22-هل تعتقد أن الزعماء الآخرين للاتحاد 23-ماذا فعل هؤلاء الزعماء في الخارج ؟ الوطني للقوات الشعبية قادرين على تنظيم الجماهير وحشدها ضد النظام الملكي ؟ 24-عدد أسماء رؤساء الدول الذين يؤيدون حركتك الثورية
Source : http://www.oujdacity.net/international-article-7979-ar/

شهادة إسرائيلية: هكذا تم تعذيب وقتل المهدي بن بركة في باريس

وديع عواودة
الناصرة ـ «القدس العربي»: في ليلة ماطرة مظلمة داخل غابة مجاورة لباريس حفر عدة رجال حفرة عميقة وألقوا فيها جثة شخص مات للتو خنقا … ووقتها لم يتخيل أحد منهم أن تلاحق روح القتيل كل المتورطين بالجريمة سنوات طوال.
الباحث الإسرائيلي في شؤون الاستخبارات رونين بيرغمان فتح واحدا من الملفات السرية… ملف عملية خطف تم التخطيط لها داخل «المخزن» المغربي في عهد الملك الحسن الثاني وما لبثت أن تعقدت وتحولت لجريمة تعذيب قتل في فرنسا هددت بإسقاط رئيس الموساد ورئيس وزراء إسرائيل وتوترات العلاقات الفرنسية – المغربية.
وقد سبق ان كشف مصادر في إسرائيل بالماضي عن دورها في جريمة خطف وقتل المعارض المغربي المهدي بن بركة وهي تعرف بفضيحة « بابا بترا « لكن الباحث الصحافي الإسرائيلي رونين بيرغمان يكشف عن بعض خباياها المثيرة.
يستند بيرغمان، المقرب من المؤسسة الأمنية، في بحثه الجديد لأرشيف الموساد ومقابلات شخصية وفي السياق يكشف عن أسرار أخرى تتعلق بنشاط الموساد.يعود بيرغمان للستينيات من القرن الماضي ويتوقف عند العلاقات الحميمة بين إسرائيل وفرنسا ومساعدة الأولى للثانية في حربها ضد الثورة الجزائرية بمعلومات استخباراتية والسلاح واغتيالات قادتها في القاهرة وغيرها. وعندما صارت هذه المساعدات مكثفة نبعت الحاجة لبناء خط دائم إلى مصر، العدو الأول لإسرائيل وقتذاك.
بعد عقد على تأسيسها انتهى دور الشركة وتم بيعها لحكومة الكويت وصارت شركة الطيران الكويتية الوطنية. وحفظت فرنسا لإسرائيل دورها في محاربة «جبهة تحرير الجزائر» ففتحت الباب أمامها لنشاط واسع للموساد على أراضيها استغل لبناء تحالفات بينه وبين أجهزة مخابرات في دول آسيوية وأفريقية أهمها المغرب وتركيا وإيران وإثيوبيا. وركز الموساد وقتها على بناء علاقات وثيقة مع المغرب بدءا من 1960 حين كان الملك الحسن الثاني وليا للعهد.
هجرة اليهود بربع مليار دولار
فور تسلمه التاج، استجاب الحسن الثاني لطلب إسرائيل بالسماح بهجرة اليهود من المغرب وتم عقد صفقة بين الموساد وبين الجنرال محمد أوفقير اتفق فيها على دفع 250 دولار مقابل هجرة كل واحد من 80 ألف يهودي مغربي. فتم نقل ربع مليار دولار بأكياس ضخمة.
ويشير بيرغمان في دراسة نشرها ملحق خاص في صحيفة « يديعوت أحرونوت « إلى أن المغرب طلب لاحقا مساعدات تدريب أمني من إسرائيل التي أرسلت له الجنرال دافيد شومرون وبوسكا شاينر الضابط في وحدة حراسة رئيس حكومتها دافيد بن غوريون. فأقاما وحدة خاصة لحماية الملك. وحسب البحث قامت إسرائيل بإعادة تنظيم جهاز المخابرات المغربية وزودته بزوارق حربية وأجهزة الكترونية في ظل نشاط مصري وجزائري معاد للمغرب ومساند للمعارضة فيها. وبالمقابل أقامت إسرائيل مكتبا دائما للموساد في الرباط.
وعندما نشب نزاع على الحدود مع الجزائر طار رئيس الموساد مئير عميت بنفسه بجواز سفر مزيف والتقى الملك الحسن الثاني عند منتصف الليل داخل خيمة قريبا من «المخزن». وقال: « نحن مستعدون لتقديم مساعدة وراغبون بها «.
قمة الدار البيضاء
بالفعل قدمت إسرائيل معلومات استخباراتية وقامت بتدريب طيارين مغاربة وقعوا بالأسر خلال مشاركتهم بالحرب لجانب الجزائر. وبالمقابل سمح لضباطها بمقابلة أسرى مصريين والتحقيق معهم علاوة على تدريبات قتالية ضد دبابات وطائرات سوفيتية.
لكن التعاون بين إسرائيل والمغرب بلغ أوجه عام 1965 حينما التأمت القمة العربية في الدار البيضاء لتأسيس قيادة عسكرية مشتركة تمهيدا لحرب مستقبلية مع إسرائيل. ويكشف بيرغمان أن الملك الراحل الحسن الثاني أتاح وقتها للموساد متابعة القمة العربية عن كثب من خلال طاقم بقيادة تسفي مالحين ورافي إيتان تم حجز طابق كامل في فندق قريب له وسط حراسة مشددة.
ويتابع: «ما لبث أن خشي الملك من لقاء عفوي بين ضيوف عرب وبين رسل الموساد فأمرهم بالرحيل. لكنه زود الموساد بمحاضر جلسات القمة العربية».
ويقول رافي إيتان الذي عين وزيرا في حكومة إيهود أولمرت قبل سنوات قليلة إن هذه المعلومات انطوت على فائدة استراتيجية لا سيما أنها شملت تأكيدات قادة الجيوش العربية أنها غير جاهزة لحرب مع إسرائيل.
المهدي بن بركة
يشير بيرغمان إلى أن هذه المعلومات الحساسة قادت إسرائيل لفتح النار والبدء بهجمة مباغتة في يونيو /حزيران 1967.
بالمقابل طالب المغرب برأس المعارض المهدي بن بركة المقيم في أوروبا والذي منح تسمية مشفرة بالمخابرات الإسرائيلية : «ب .ب» ومن هنا جاءت تسمية الفضيحة المذكورة بـ «بابا بترا» وهي عنوان جزيئية في الشرع اليهودي خاصة بأحكام الأضرار.
والمهدي ثوري معارض للنظام الملكي في المغرب حكم عليه بالإعدام فتنقل متخفيا في أوروبا. وقام وكلاء الموساد باستدراجه بواسطة صحافي غربي في باريس. ويدعي بيرغمان أن الموساد حاول التهرب من المشاركة الفعلية باغتياله مكتفيا بتقديم مساعدات بناء على تعليمات رئيس الحكومة ليفي أشكول.
لكن الجنرال أحمد الديلمي نائب وزير الداخلية أوفقير طلب من عميت خلال لقاء جمعهما في الرباط كمية من السّم، وأبلغه أن العملية قد انطلقت. وينقل بيرغمان عن المؤرخ الإسرائيلي يجئال بن نون قوله إن المخابرات المغربية رغبت بخطف بن بركة ومساومته بين قبول منصب وزير التعليم لمنح الشرعية لحكم الملك أو محاكمة علنية بتهمة الخيانة. لكن بيرغمان يشير إلى شهادات أخرى تفيد أن الهدف كان قتل بن بركة.
يشار إلى أن ميخائيل بار زوهر والصحافي المعروف نسيم مشعال قالا في كتابهما الصادر عام 2010 «الموساد.. العمليات الكبرى» ان أوفقير زار إسرائيل عدة مرات قبل 67 طالبا المساعدة بالكشف عن بن بركة.
بن بركة والفخ
وبعد يومين توجه الديلمي إلى باريس للإشراف على عملية خطف بن بركة وهناك استقبله مندوب عن الموساد واتفقا أن يمكث وكلاء للموساد في شقة باريسية بحالة استعداد للمساعدة بحال وقوع مشاكل خلال عملية الخطف.
وهكذا، بمساعدة رجال أمن فرنسيين مرتزقة، تم في 29 تشرين الاول (اكتوبر) 1965 خطف بن بركة فور وصوله من جنيف لباريس بجواز جزائري قبيل لقائه مع صحافي فرنسي عمل لصالح الموساد. ويروي بيرغمان كيف تم التحقيق مع بن بركة فيقول إن رجال شرطة فرنسيين اعتقلوه واقتادوه لشقة سرية وقام الديلمي بنفسه بتعذيبه بعد أن طلب من الموساد السمّ وجوازات مزورة وأدوات حفر.
تعذيب وحشي
وحينما وصل السمّ المطلوب لباريس من تل أبيب كان بن بركة قد مات تحت التعذيب إذ تبارى الديلمي ومعاونوه على من هو أكثر قسوة بالتعذيب بكيْ جسده بأعقاب السجائر والصدمات الكهربائية وبشبه إغراقه بالماء.
ويقول بيرغمان إن النية لم تكن قتله بل محاولة انتزاع معلومات عن الثوار المغاربة وتوقيع باعترافه بالعمل ضد الملك. وينقل بيرغمان عن رجل الموساد إلعازر شارون ما سمعه من مسؤولين مغاربة فقال إن الديلمي أمسك برأس بن بركة وغمسه مرة تلو الأخرى في حوض مليء بالمياه لكن بركة لم يتعاون ولم يخضع وكلما أخرجوا رأسه من الماء والتقط نفسه كان يشتم الملك ويبصق في وجه الديلمي.
كما ينقل بيرغمان عن دافيد شومرون رئيس مكتب الموساد بالرباط وقتها قوله إن الديلمي بنفسه أخبره أن بن بركة مات حينما تأخروا ذات مرة في انتشال رأسه من حوض الماء وعندها ذهل المغاربة وكادوا « يفعلوها في سراويلهم خوفا «، واحتاروا كيف يتصرفون بجثة قائد عربي قتل في باريس. وشارك الموساد بنقل الجثة لغابة سانت جرمان القريبة وتم دفنه بعد مسحها بمواد كيميائية تسرّع بتحللها، وزود الموساد الديلمي وزمرته بجوازات مزورة وغادروا فرنسا.
شارل ديغول
لكن بعض المتورطين من رجال الأمن الفرنسيين بالجريمة سربوا ما حصل للرئيس ديغول الذي استشاط غضبا وطالب المغرب بتسليم أوفقير والديلمي ولما رفض المغرب بادر بقطع العلاقات الدبلوماسية معها.
ويوضح بيرغمان أن إيسار هارئيل مستشار رئيس الحكومة أشكول كان على خلاف مع خليفته في رئاسة الموساد مئير عميت فقام بإقناع أشكول بأن الموساد ارتكب خطأ شنيعا بمشاركته بالجريمة وبإخفاء معلومات عن حجم هذه المشاركة.
وفعلا تسببت الفضيحة في خلافات ونقاشات حادة داخل المؤسسة الحاكمة في إسرائيل حظرت الرقابة العسكرية نشرها، لكن أشكول رفض طلب هارئيل بإقالة عميت.
خلافات في إسرائيل
حينما واصل هارئيل ضغوطه هدده أشكول بفضح تورطه بجريمة قتل ضابط إسرائيلي وإلقاء جثته في البحر عام 1954 بعد خطفه من باريس ونقله للمحاكمة في إسرائيل بتهمة تسريب مستندات عسكرية.
ويتابع بيرغمان « بعد هذا التهديد قدم هارئيل استقالته من منصب المستشار وتم دفن فضيحة مشاركة إسرائيل بقتل بن بركة «. ويوضح بيرغمان أن فرنسا عرفت بتورط إسرائيل بالجريمة لكنها غضت الطرف بسبب حميمية العلاقات معها لكن ديغول أغلق مكتب الموساد في باريس بعد حرب 1967.
من جهتها قررت السلطات الفرنسية شق شارع وسط غابة سان جرمان بعد ثلاث سنوات من قتل بن بركة المدفون هناك، وفي 1973 قتل أوفقير نفسه بعد اتهامه بالتآمر على الملك، بينما قتل الديلمي في حادث سير في 1982.
وديع عواودة
.................................................

المهدي بن بركة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق